للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك عن ضرورة مرض فينبغي أن لا يختلف في الاجزاء، ومن مواضع الخلاف عدد المسحات، فالجمهور على مرة واحدة ويجزىء ذلك عند الشافعي وثلاثا أحب إليه وروي عن ابن سيرين أنه مسح رأسه مرتين، وروي عن أنس أنه قال يمسح الرأس ثلاثا، وقاله سعيد بن جبير وعطاء وميسرة، والباء في قوله بِرُؤُسِكُمْ مؤكدة زائدة عند من يرى عموم الرأس، والمعنى عنده وامسحوا رؤوسكم، وهي للإلزاق المحض عند من يرى إجزاء بعض الرأس كأن المعنى أوجدوا مسحا برؤوسكم فمن مسح شعرة فقد فعل ذلك، ثم اتبعوا في المقادير التي حدوها آثارا وأقيسة بحسب اجتهاد العلماء رحمهم الله.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة «وأرجلكم» خفضا وقرأ نافع وابن عامر والكسائي وأرجلكم نصبا، وروى أبو بكر عن عاصم الخفض، وروى عنه حفص النصب، وقرأ الحسن والأعمش «وأرجلكم» بالرفع المعنى فاغسلوها، ورويت عن نافع، وبحسب هذا اختلاف الصحابة والتابعين، فكل من قرأ بالنصب جعل العامل اغسلوا وبنى على أن الفرض في الرجلين الغسل بالماء دون المسح، وهنا هو الجمهور وعليه علم فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو اللازم من قوله صلى الله عليه وسلم وقد رأى قوما يتوضؤون وأعقابهم تلوح فنادى بأعلى صوته، «ويل للأعقاب من النار» ومن قرأ بالخفض جعل العامل أقرب العاملين، واختلفوا، فقالت فرقة منهم، الفرض في الرجلين المسح لا الغسل وروي عن ابن عباس أنه قال: الوضوء غسلتان ومسحتان، وروي أن الحجاج خطب بالأهواز فذكر الوضوء فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وأنه ليس شيء من ابن آدم أقرب من خبثه من قدميه «فاغسلوا» بطونهما وظهورهما وعراقيبهما فسمع ذلك أنس بن مالك فقال صدق الله وكذب الحجاج قال الله تعالى:

وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ قال وكان أنس إذا مسح رجليه بلهما، وروي أيضا عن أنس أنه قال: نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل وكان عكرمة يمسح على رجليه وليس في الرجلين غسل إنما نزل فيهما المسح.

وقال الشعبي: نزل جبريل بالمسح ثم قال: ألا ترى أن التيمم يمسح فيه ما كان غسلا ويلغى ما كان مسحا وروي عن أبي جعفر أنه قال: امسح على رأسك وقدميك، وقال قتادة: افترض الله غسلتين ومسحتين، وكل من ذكرنا فقراءته «وأرجلكم» بكسر اللام، وبذلك قرأ علقمة والأعمش والضحاك وغيرهم، وذكرهم الطبري تحت ترجمة القول بالمسح، وذهب قوم ممن يقر بكسر اللام إلى أن المسح في «الرجلين» هو الغسل، وروي عن أبي زيد أن العرب تسمي الغسل الخفيف مسحا ويقولون تمسحت للصلاة بمعنى غسلت أعضائي، وقال أبو عبيدة وغيره في تفسير قوله تعالى: فَطَفِقَ مَسْحاً [ص: ٣٣] أنه الضرب، ويقال: مسح علاوته إذا ضربه، قال أبو علي: فهذا يقوي أن المراد بمسح الرجلين الغسل، ومن الدليل على أن مسح الرجلين يراد به الغسل أن الحد قد وقع فيهما ب إِلَى كما وقع في الأيدي وهي مغسولة ولم يقع في الممسوح حد.

قال القاضي أبو محمد: ويعترض هذا التأويل بترك الحد في الوجه فكان الوضوء مغسولين حد أحدهما وممسوحين حد أحدهما، وقال الطبري رحمه الله إن مسح الرجلين هو بإيصال الماء إليهما ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>