للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

لما رأى أن لا دعة ولا شبع ... مال إلى أرطاة حقق فاضطجع

وحكى النقاش أنه لم يكن يجالس فرعون ولد غية وإنما كانوا أشرافا ولذلك أشاروا بالإرجاء ولم يشيروا بالقتل وقالوا: إن قتلته دخلت على الناس شبهة ولكن اغلبه بالحجة، والْمَدائِنِ جمع مدينة وزنها فعيلة من مدن أو مفعلة من دان يدين وعلى هذا يهمز مدائن أو لا يهمز، وحاشِرِينَ معناه جامعين، قال المفسرون: وهم الشرط، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر «بكل ساحر» ، وقرأ حمزة والكسائي: «بكل سحار» على بناء المبالغة وكذلك في سورة يونس، وأجمعوا على «سحار» في سورة الشعراء، وقال قتادة: معنى الإرجاء الذي أشاروا إليه السجن والحبس.

وقوله تعالى: وَجاءَ السَّحَرَةُ الآية، هنا محذوفات يقتضيها ظاهر الكلام وهي أنه بعث إلى السحرة وأمرهم بالمجيء، وقال ابن عباس أنه بعث غلمانا فعلموا بالفرما وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية حفص «أن لنا لأجرا» على جهة الخبر، وقرأوا في الشعراء إِنَّ لَنا ممدودة مفتوحة الألف غير عاصم فإنه لا يمدها، قال أبو علي ويجوز أن تكون على جهة الاستفهام وحذف ألفها، وقد قيل ذلك في قوله أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ [الشعراء: ٢٢] ومنه قول الشاعر: [حضرمي بن عامر] .

أفرح أن أرزأ الكرام وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي هنا وفي الشعراء «آإن» بألف الاستفهام قبل «إن» ، وقرأت فرقة «أئن» دون مد، وقرأ أبو عمرو هنا وفي الشعراء «أئن» ، والأجر هنا الاجرة فاقترحوها إن غلبوا فأنعم فرعون لهم بها وزادهم المنزلة والجاه، ومعناه المقربين مني، وروي أن السحرة الذين جاءوا إلى فرعون كانوا خمسة عشر ألفا قاله ابن إسحاق، وقال ابن جريج كانوا تسعمائة، وذكر النقاش أنهم كانوا اثنين وسبعين رجلا، وقال عكرمة: كانوا سبعين ألفا قال محمد بن المنكدر كانوا ثمانين ألفا، وقال السدي مائتي ألف ونيفا.

قال القاضي أبو محمد: وهذه الأقوال ليس لها سند يوقف عنده، وقال كعب الأحبار: اثني عشر ألفا، وقال السدي: كانوا بضعة وثلاثين ألف رجل مع كل رجل حبل وعصا، وقال أبو ثمامة: كانوا سبعة عشر ألفا.

وقوله تعالى: قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ الآية، أَنْ في قوله إِمَّا أَنْ في موضع نصب أي إما أن تفعل الإلقاء، ويحتمل أن تكون في موضع رفع أي إما هو الإلقاء، وخير السحرة موسى في أن يتقدم في الإلقاء أو يتأخر.

قال القاضي أبو محمد: وهذا فعل المدل الواثق بنفسه، والظاهر أن التقدم في التخيلات والمخارق والحج، لأن بدليتهما تمضي بالنفس، فليظهر الله أمر نبوة موسى قوى نفسه ويقينه ووثق بالحق فأعطاهم التقدم فنشطوا وسروا حتى أظهر الله الحق وأبطل سعيهم.

وقوله تعالى: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ نص في أن لهم فعلا ما زائدا على ما يحدثونه من التزيق

<<  <  ج: ص:  >  >>