للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختاره الله له، وأتاه الوحي من ربِّه به؟

فإن قيل: والتَّمتُّع وإن تخلَّله تحلُّلٌ لكن قد تكرَّر فيه الإحرام، وإنشاؤه عبادةٌ محبوبةٌ للرَّبِّ، والقِران لا يتكرَّر فيه الإحرام.

قيل: في تعظيم شعائر الله بسوقِ الهدي والتَّقرُّبِ إليه بذلك من الفضل ما ليس في مجرَّد تكرُّر (١) الإحرام، ثمَّ إنَّ استدامته قائمةٌ مقام تكرُّره، وسَوق الهدي لا مقابلَ له يقوم مقامه.

فإن قيل: فأيُّما أفضل: إفرادٌ يأتي عقيبَه بالعمرة، أو تمتُّعٌ يحلُّ منه ثمَّ يحرم بالحجِّ عقيبه؟

قيل: معاذَ الله أن نظنَّ أنَّ نسكًا قطُّ أفضل من النُّسك الذي اختاره الله (٢) لأفضل الخلق وساداتِ الأمَّة، وأن نقول في نسكٍ لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحدٌ من أصحابه الذين حجُّوا معه، بل ولا غيرهم من الصحابة: إنَّه أفضل ممَّا فعلوه معه بأمره، فكيف يكون حجٌّ على وجه الأرض أفضل من الحجِّ الذي حجَّه صلوات الله وسلامه عليه، أو أمر به أفضلُ الخلق واختاره لهم، وأمرهم بفسخ ما عداه من الأنساك إليه، وودَّ أنَّه كان فعله؟ فلا حجَّ قطُّ أكمل من هذا. وهذا وإن صحَّ عنه الأمر لمن ساق الهدي بالقران، ولمن لم يسق بالتَّمتُّع، ففي جواز خلافه نظرٌ. ولا يُوحِشنَّك قلَّةُ القائلين بوجوب ذلك، فإنَّ فيهم (٣) البحرَ الذي لا يُنزَف عبد الله بن عبَّاسٍ وجماعةً من أهل الظَّاهر،


(١) ك، ص، ج: «تكرار». والمثبت من ق، مب.
(٢) في جميع النسخ: «رسول الله». والسياق يقتضي ما أثبتناه، وهو كذلك في المطبوع.
(٣) ق: «فيه». ب: «منهم».