للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا الحديث الأوَّل ــ وهو حديث الزُّهريِّ عن عروة عن عائشة ــ فغلِطَ فيه عبد الملك بن شعيب، أو أبوه شعيب، أو جدُّه الليث، أو شيخه عُقَيل، فإنَّ الحديث قد رواه مالك ومعمر والنَّاس عن الزُّهريِّ عن عروة عنها، وبيَّنوا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر من لم يكن معه هديٌ إذا طاف وسعى أن يحلَّ:

فقال مالك عن يحيى بن سعيدٍ عن عَمرة عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس ليالٍ بقين لذي القعدة، ولا نرى إلا الحجَّ، فلمَّا دنونا من مكَّة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَن لم يكن معه هديٌ إذا طاف بالبيت وسعى بين الصَّفا والمروة أن يحلَّ، وذكر الحديث. قال يحيى: فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمَّدٍ، فقال: أتتْك والله بالحديث على وجهه (١).

وقال منصور عن إبراهيم عن الأسود عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى إلا الحجَّ، فلمَّا قدِمنا تطوَّفنا بالبيت، فأمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَن لم يكن ساق الهدي أن يحلَّ، فحلَّ من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يَسُقْن فأحللن (٢).

وقال مالك ومعمر كلاهما عن ابن شهابٍ عن عروة عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ حجَّة الوداع فأهللنا بعمرةٍ، ثمَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان معه هديٌ فليهللْ بالحجِّ مع العمرة، ولا يحلَّ حتَّى يحلَّ منهما جميعًا» (٣).

وقال ابن شهابٍ عن عروة عنها، بمثل الذي أخبره سالم عن أبيه عن


(١) رواه البخاري (١٧٠٩) من طريق مالك.
(٢) رواه البخاري (١٥٦١) ومسلم (١٢١١/ ١٢٨).
(٣) رواه مسلم (١٢١١/ ١١١، ١١٣) من طريقهما.