للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثر ممَّا كان عليه فجاز ذلك. ولمَّا كان أفضل كان مستحبًّا. وإنَّما أشكل هذا على من ظنَّ أنَّه فسخ حجًّا إلى عمرةٍ، وليس كذلك، فإنَّه لو أراد أن يفسخ الحجَّ إلى عمرةٍ مفردةٍ لم يجزْ بلا نزاعٍ، وإنَّما الفسخ جائزٌ لمن كان من نيَّته أن يحجَّ بعد العمرة، والمتمتِّع من حين يُحرِم بالعمرة فهو داخلٌ في الحجِّ، كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «دخلتِ العمرةُ في الحجِّ». ولهذا يجوز له أن يصوم الأيَّام الثَّلاثة من حين يحرم بالعمرة، فدلَّ على أنَّه في تلك الحال في الحجِّ. وأمَّا إحرامه بالحجِّ بعد ذلك، فكما يبدأ الجنب بالوضوء ثمَّ يغتسل بعده. وكذلك كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يفعل إذا اغتسل للجنابة (١)، وقال للنِّسوة في غَسْل ابنته: «ابدأنَ بميامنِها ومواضعِ الوضوء منها» (٢). فغَسْل مواضع الوضوء بعض (٣) الغُسل.

فإن قيل: هذا باطلٌ لثلاثة أوجهٍ.

أحدها: أنَّه إذا فسخ استفاد بالفسخ حِلًّا (٤) كان ممنوعًا منه بإحرامه الأوَّل، فهو دون ما التزمه.

الثَّاني: أنَّ النُّسك الذي كان قد التزمه أوَّلًا أكملُ من النُّسك الذي فسخ إليه، ولهذا لا يحتاج الأوَّل إلى جُبرانٍ، والَّذي يفسخ إليه يحتاج إلى هديٍ


(١) ص، ج: «لجنابته». المطبوع: «من الجنابة». والمثبت من ق، مب موافق لما في «مجموع الفتاوى».
(٢) رواه البخاري (١٦٧) ومسلم (٩٣٩/ ٤٣) من حديث أم عطية - رضي الله عنه - .
(٣) ك، ب، مب: «بعد»، وفي هامشها: «لعله قبل». وكلاهما تحريف.
(٤) «حلا» ليست في ك.