للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفعله من لا علمَ عنده، بل هو من البدع المنكرات، ولا حاذى الحجر الأسود بجميع بدنه ثمَّ انفتلَ عنه وجعله على شِقِّه، بل استقبله واستلمه، ثمَّ أخذ على يمينه وجعل البيت عن يساره، ولم يدعُ عند الباب بدعاءٍ، ولا تحتَ الميزاب، ولا عند ظهر الكعبة وأركانها، ولا وقَّت للطَّواف ذكرًا معيَّنًا، لا بفعله ولا بتعليمه، بل حُفِظ عنه بين الرُّكنين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] (١).

ورملَ في طوافه هذا الثَّلاثةَ الأشواط الأول، وكان يُسرِع مَشيَه، ويقارب بين خُطاه، واضطبع بردائه، فجعله على إحدى كتفيه (٢)، وأبدى كتفَه الأخرى ومنكبه، وكلَّما حاذى الحجر الأسود أشار إليه، واستلمه بمِحْجَنه، وقبَّل المِحْجَن. والمِحْجَن: عصا مَحنيَّة الرَّأس. وثبت عنه أنَّه استلم الرُّكن اليمانيَّ، ولم يثبت عنه أنَّه قبَّله، ولا قبَّل يده عند استلامه. وقد روى الدارقطنيُّ (٣) عن ابن عباسٍ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّل الرُّكن اليمانيَّ، ويضعُ خدَّه عليه. وفيه عبد الله بن مسلم بن هرمز، قال الإمام أحمد: صالح الحديث (٤)، وضعَّفه غيره.

ولكنَّ المراد بالرُّكن اليمانيِّ هاهنا الحجر الأسود، فإنَّه يسمَّى اليمانيَّ،


(١) رواه أحمد (١٥٣٩٩) وأبو داود (١٨٩٢) من حديث عبد الله بن السائب، وصححه ابن خزيمة (٢٧٢١) وابن حبان (٣٨٢٦) والحاكم (١/ ٤٥٥). وانظر: «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ١٤١).
(٢) في المطبوع: «فجعل طرفيه على أحد كتفيه».
(٣) برقم (٢٧٤٣)، ورواه عبد بن حميد (٦٣٨) وأبو يعلى (٢٦٠٥)، وفي إسناده عبد الله بن مسلم متكلم فيه. والحديث ضعفه البيهقي (٥/ ٧٦) لأجل عبد الله هذا. وانظر ترجمته في «تهذيب الكمال» (١٦/ ١٣٠).
(٤) انظر: «الكامل» لابن عدي (٥/ ٢٦٠).