للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ووقف - صلى الله عليه وسلم - في موقفه، وأَعلمَ النَّاسَ أنَّ مزدلفة كلَّها موقفٌ، ثمَّ سار من مزدلفة مُردِفًا للفضل بن عبَّاسٍ وهو يلبِّي في مَسيره، وانطلق أسامة بن زيدٍ على رجليه في سُبَّاقِ قريشٍ.

وفي طريقه ذلك أمر ابن عبَّاسٍ أن يَلْقُط له (١) حصى الجِمار سبعَ حصياتٍ، ولم يكسرها من الجبل تلك اللَّيلة كما يفعل من لا علم عنده، ولا التقطها باللَّيل، فالتقط له سبع حَصَياتٍ من حصى الخَذْف، فجعل يَنفُضهنَّ في كفِّه ويقول: «أمثالَ (٢) هؤلاء فارمُوا، وإيَّاكم والغلوَّ في الدِّين، فإنَّما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ في الدِّين» (٣).

وفي طريقه تلك عَرضَتْ له امرأةٌ من خَثْعم جميلةٌ، فسألتْه عن الحجِّ عن أبيها، وكان شيخًا كبيرًا لا يَستمسك على الرَّاحلة، فأمرها أن تحجَّ عنه، وجعل الفضل ينظر إليها (٤)، فوضع يده على وجهه وصَرَفَه إلى الشِّقِّ الآخر (٥). وكان الفضلُ وَسيمًا، فقيل: صرفَ وجهه عن نظرها إليه، وقيل: صرفَه عن نظره إليها.


(١) ك، ص، ج: «لهم». والمثبت من ق، مب، م.
(٢) في المطبوع: «بأمثال» خلاف النسخ. والرواية بالوجهين.
(٣) رواه أحمد (١٨٥١) والنسائي (٣٠٥٧) وابن ماجه (٣٠٢٩) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - . والحديث صححه ابن خزيمة (٢٨٦٧) وابن حبان (٣٨٧١) والحاكم (١/ ٤٦٦) وابن تيمية في «الاقتضاء» (١/ ٣٢٧) والألباني في «السلسلة الصحيحة» (١٢٨٣).
(٤) بعدها في المطبوع: «وتنظر إليه». وليست في جميع النسخ، وإن كانت في الرواية كما سيأتي.
(٥) رواه البخاري (١٥١٣) ومسلم (١٣٣٤) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - .