للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده سبعَ بُدنٍ قيامًا، وضحَّى بالمدينة كبشين أملحين.

فالجواب: أنَّه لا تعارض بين الحديثين. قال أبو محمد بن حزم (١): يُخرج حديث أنس على أحد وجوهٍ ثلاثةٍ.

أحدها: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم ينحر بيده أكثر من سَبْع بُدنٍ، كما قال أنس، وأنَّه أمر مَن نحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاثٍ وستِّين، ثمَّ زال عن ذلك المكان، وأمر عليًّا فنحرَ (٢) ما بقي.

الثَّاني: أن يكون أنس لم يشاهد (٣) إلا نحره - صلى الله عليه وسلم - سبعًا فقط بيده، وشاهدَ جابر تمامَ نحرِه - صلى الله عليه وسلم - للباقي، فأخبر كلٌّ منهما بما رأى وشهد (٤).

الثَّالث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - نحر بيده مفردًا سبعَ بُدنٍ كما قال أنس، ثمَّ أخذ هو وعليٌّ الحَربةَ معًا، فنحرَا كذلك تمامَ ثلاثٍ وستِّين، كما قال غَرَفَة (٥) بن الحارث الكندي: إنَّه شاهدَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ قد أخذ بأعلى الحَرْبة، وأمر عليًّا يأخذ بأسفلها، ونحرَا بها البُدْن ثمَّ انفرد علي بنحر الباقي من المائة، كما قال جابر. والله أعلم.

فإن قيل: فكيف تصنعون بالحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو


(١) في «حجة الوداع» (ص ٣٠٠).
(٢) ك: «أن ينحر».
(٣) ك: «لم يشهد».
(٤) كذا في جميع النسخ. وفي المطبوع: «وشاهد».
(٥) ق، م، ب، مب: «عروة»، تحريف، انظر: «الإصابة» (٨/ ٤٧٣). وحديثه عند أبي داود (١٧٦٦).