للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصَّفا والمروة، ثمَّ حلُّوا، ثمَّ طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منًى لحجِّهم، وأمَّا الذين جمعوا الحجَّ والعمرة، فإنَّما (١) طافوا طوافًا واحدًا». فحمل أحمد قول عائشة على أنَّ طوافهم لحجِّهم هو طواف القدوم. قال (٢): ولأنَّه قد ثبت أنَّ طواف القدوم مشروعٌ، فلم يكن طواف الزِّيارة مُسقِطًا له، كتحيَّة المسجد عند دخوله قبل التَّلبُّس بصلاة الفرض.

وقال الخرقي في «مختصره» (٣): وإن كان متمتِّعًا فيطوف بالبيت سبعًا، وبالصَّفا والمروة سبعًا، كما فعل للعمرة، ثمَّ يعود فيطوف بالبيت طوافًا ينوي به الزِّيارة، وهو قوله عز وجل: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩].

فمن قال: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان متمتِّعًا ــ كالقاضي وأصحابه ــ عندهم هكذا (٤) فعل، والشَّيخ أبو محمد عنده أنَّه كان متمتِّعًا التَّمتُّع الخاصَّ، ولكن لم يفعل هذا، قال (٥): ولا أعلم أحدًا وافق أبا عبد الله على هذا الطَّواف الذي ذكره الخرقي، بل المشروع طوافٌ واحدٌ للزِّيارة، كمن دخل المسجد وقد أقيمت الصَّلاة، فإنَّه (٦) يكتفي بها من تحيَّة المسجد. ولأنَّه لم يُنقل عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه الذين تمتَّعوا معه في حجَّة الوداع، ولا أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - به أحدًا.


(١) ك: «فانهم».
(٢) أي صاحب «المغني»، والكلام متصل بما قبله.
(٣) مع شرحه «المغني» (٥/ ٣١٤).
(٤) ك: «هذا».
(٥) في «المغني» (٥/ ٣١٥).
(٦) م: «فإنها».