للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طوافكما، ثمَّ تأتياني (١) هاهنا بالمحصَّب». قالت: فقضى الله العمرة وفرغنا من طوافنا من جوف اللَّيل، فأتيناه بالمحصَّب. فقال: «فرغتما؟» قلنا: نعم. فأذَّن في النَّاس بالرَّحيل، فمرَّ بالبيت فطاف به، ثمَّ ارتحل متوجِّهًا إلى المدينة.

فهذا من أصحِّ حديثٍ على وجه الأرض، وأدلِّه على فساد ما ذكره ابن حزمٍ وغيره من تلك التَّقديرات الَّتي لم يقع شيءٌ منها، ودليلٌ على أنَّ حديث الأسود غير محفوظٍ، وإن كان محفوظًا فلا وجهَ له غير ما ذكرنا، وباللَّه التَّوفيق.

وقد اختلف السَّلف في التَّحصيب: هل هو سنَّةٌ أو منزل اتِّفاقٍ؟ على قولين:

فقالت طائفةٌ: هو من سنن الحجِّ، فإنَّ في «الصَّحيحين» (٢) عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين أراد أن ينفر من منًى: «نحن نازلون إن شاء الله غدًا (٣) بخَيْفِ بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر». يعني بذلك المحصَّب؛ وذلك أنَّ قريشًا وبني كنانة تقاسموا على بني هاشمٍ وبني المطَّلب أن لا يُناكحوهم، ولا يكون بينهم (٤) شيءٌ حتَّى يسلِّموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقصد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إظهار شعار (٥) الإسلام في المكان الذي


(١) في المطبوع: «ائتياني».
(٢) رواه البخاري (١٥٩٠) ومسلم (١٣١٤/ ٣٤٤).
(٣) ق: «غدًا إن شاء الله».
(٤) بعدها في المطبوع: «وبينهم». وليست في النسخ.
(٥) ق، م، ب، مب: «شعائر». والمثبت من بقية النسخ.