للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبادرتُ النَّاس، فوجدتُ بلالًا على الباب، فقلت: أين صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بين العمودين المقدَّمين. قال: ونسيت أن أسأله كم صلَّى.

وفي «صحيح البخاريِّ» (١) عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قدم مكَّة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، قال: فأمر بها فأُخرِجتْ، فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قاتلهم اللَّه! أما والله لقد علموا أنَّهما لم يَستقسِما بها قطُّ». قال: فدخل البيتَ فكبَّر في نواحيه، ولم يصلِّ فيه.

فقيل: كان ذلك دخولين، صلَّى في أحدهما، ولم يصلِّ في الآخر.

وهذه طريقة ضعفاء النَّقد، كلَّما رأوا اختلافَ لفظٍ جعلوه قصَّةً أخرى، كما جعلوا الإسراء مرارًا لاختلاف ألفاظه، وجعلوا اشتراءه من جابر بعيرَه مرارًا لاختلاف ألفاظه، وجعلوا طواف الوداع مرَّتين لاختلاف سياقه، ونظائر ذلك.

وأمَّا الجهابذة النُّقَّاد فيرغبون عن هذه الطَّريقة، ولا يَجْبُنون عن تغليط من ليس معصومًا من الغلط، ونسبته إلى الوهم. قال البخاريُّ وغيره من الأئمَّة: والقول قول بلال؛ لأنَّه مثبِتٌ شاهدَ صلاته، بخلاف ابن عبَّاسٍ. والمقصود أنَّ دخوله (٢) إنَّما كان في غزاة الفتح، لا في حجِّه ولا عُمَره. وفي «صحيح البخاريِّ» (٣) عن إسماعيل بن أبي خالدٍ قال: قلت لعبد الله بن أبي


(١) برقم (١٦٠١).
(٢) بعدها في المطبوع: «البيت»، وليست في النسخ.
(٣) برقم (١٧٩١)، ورواه أيضًا مسلم (١٣٣٢).