للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضدِّ الاسم عليه: بأن يسمَّى يسارًا مَن هو من أعسر النَّاس، ونجيحًا من لا نجاحَ عنده، ورباحًا من هو من الخاسرين، فيكون قد وقع في الكذب عليه وعلى اللَّه. وأمرٌ آخر أيضًا، وهو أن يطالب المسمَّى بمقتضى اسمه فلا يوجد عنده فيجعل ذلك سببًا لذمِّه وسبِّه كما قيل (١):

سَمَّوك مِن جَهْلِهم سَديدًا ... واللهِ ما فيك من سَدادِ

أنت الذي كونُه فسادًا ... في عالم الكون والفسادِ (٢)

فتوصَّل الشَّاعر بهذا الاسم إلى ذمِّ المسمَّى به. ولي من أبياتٍ:

وسَمَّيتُه صالحًا فاغتدى ... بضدِّ اسمِه في الورى سائرا

وظَنَّ بأنَّ اسمه ساترٌ ... لأوصافه فغدا شاهِرا

وهذا كما أنَّ من المدح ما يكون ذمًّا وموجبًا لسقوط مرتبة الممدوح عند النَّاس، فإنَّه يمدح بما ليس فيه، فتطالبه النُّفوس بما مدح به وتظنُّه عنده فلا تجده كذلك، فينقلب ذمًّا، ولو ترك بغير مِدْحةٍ لم تحصل له هذه المفسدة. ويُشبه حالُه حالَ من وُلي ولايةً سنيَّةً (٣)، ثمَّ عُزِل عنها، فإنَّه يَنقُص مرتبته عمَّا كانت قبل الولاية، وينقص في نفوس النَّاس عمَّا كان عليه قبلها، وفي هذا قال القائل (٤):

إذا ما وصفتَ امرأً لامرئٍ ... فلا تَغْلُ في وصفِه واقْصِدِ


(١) لم أجد البيتين فيما رجعت إليه من مصادر.
(٢) هنا ينتهي الخرم الكبير في ص.
(٣) في المطبوع: «سيئة»، تحريف.
(٤) هو ابن الرومي، انظر: «ديوانه» (٢/ ٦٨٨).