للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الباب حديثٌ آخر عن أبي هريرة يرفعه: «إذا عطسَ أحدُكم فلْيُشَمِّتْه جليسُه، وإن زاد على الثَّلاث (١) فهو مزكومٌ، ولا تشمِّته بعد الثَّلاث (٢)». وهذا الحديث هو حديث أبي داود (٣) الذي قال فيه: رواه أبو نعيم، عن موسى بن قيس، عن محمَّد بن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة. وهو حديثٌ حسنٌ.

فإن قيل: فإذا كان الذي به زكامٌ، فهو أولى أن يُدعى له ممَّن لا علَّة به؟

قيل له: يُدعى له كما يُدعى للمريض ومن به داءٌ ووجعٌ. وأمَّا سنَّة العطاس الذي يحبُّه اللَّه، وهو نعمةٌ، ويدلُّ على خفَّة البدن وخروجِ الأبخرة المحتقنة= فإنَّما يكون إلى تمام الثَّلاث (٤)، وما زاد عليها يُدعى لصاحبه بالعافية.

وقوله في هذا (٥) الحديث: «الرَّجل مزكومٌ» تنبيهٌ على الدُّعاء له بالعافية؛ لأنَّ الزُّكمة علَّةٌ، وفيه اعتذارٌ من ترك تشميته بعد الثَّلاث، وفيه تنبيهٌ على هذه العلَّة ليتداركها، ولا يُهمِلها فيصعب أمرها، فكلامه - صلى الله عليه وسلم - كلُّه حكمةٌ ورحمةٌ وعلمٌ وهدًى.

وقد اختلف النَّاس هاهنا في مسألتين:


(١) ص، ج، ك: «الثالث». والمثبت من ق، ب، مب.
(٢) ص: «الثالث».
(٣) برقم (٥٠٣٥).
(٤) ص: «الثالث».
(٥) «هذا» في ب، مب، وليست في بقية النسخ.