للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل الناس في الدين واحدًا بعد واحدٍ، وقريش لا تنكر ذلك حتى بادأهم بعيب دينهم وسبِّ آلهتهم وأنها لا تضر ولا تنفع، فحينئذٍ شمَّروا له ولأصحابه عن ساق العداوة فحمى الله رسولَه بعمِّه أبي طالب، لأنه كان شريفًا معظَّمًا في قريشٍ، مُطاعًا في أهل مكة، لا يتجاسرون على مكاشفته بشيء من الأذى.

وكان من حكمة أحكم الحاكمين بقاؤه على دينِ قومه لِما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأمَّلها.

وأما أصحابه، فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته، وسائرُهم تصدَّوا له بالأذى والعذاب، منهم عمَّار بن ياسر وأمُّه وأهلُ بيته عُذِّبوا في الله. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مرَّ بهم وهم يُعذَّبون يقول: «صبرًا يا آل ياسرٍ فإن موعدَكم الجنة» (١).

ومنهم بلال بن رباح، فإنه عُذِّب في الله أشدَّ العذاب، فهان على قومه وهانت عليه نفسه في الله، وكان كلَّما اشتد به (٢) العذاب يقول: أحدٌ أحدٌ،


(١) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» (١٠١٦ - بغية الباحث) ــ ومن طريقه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٦٦٦٢) ــ وابن سعد في «الطبقات» (٣/ ٢٣٠) من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وفي إسناده انقطاع. وله شاهد بنحوه من حديث أبي الزبير عن جابر عند الطبراني في «الأوسط» (١٥٠٨) والحاكم (٣/ ٣٨٨ - ٣٨٩). وله شواهد أخرى مرسلة من حديث عبد الله بن جعفر - رضي الله عنهما -، ويوسف بن ماهَك، ورجال من آل ياسر. انظر: «الطبقات الكبير» لابن سعد (٣/ ٢٣٠) و «شعب الإيمان» (١٥١٥) و «الإصابة» (١١/ ٣٧٥)، (١٣/ ٤٩٣).
(٢) ز، ع: «عليه».