للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منازلهم في الموسم ومَجَنَّة وعُكاظ ومنازلهم من منى: «من يؤويني، ومن ينصرني حتى أبلِّغ رسالاتِ ربي فله الجنة؟»، فلا يجد أحدًا ينصره ولا يؤويه، حتى إن الرجل ليَرْحَل من مُضَر أو اليمن إلى ذي رَحِمه فيأتيه قومه فيقولون له: احذَرْ غلام قريش لا يفتنك (١)، ويمشي بين رحالهم (٢) يدعوهم إلى الله وهم يشيرون إليه بالأصابع؛ حتى بعثنا الله من يثرب، فيأتيه الرجل منَّا فيؤمن به ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيُسْلمون بإسلامه، حتّى لم تبقَ دار من دُور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يُظهرون الإسلام، وبعثَنا اللهُ إليه، فائتمرنا واجتمعنا وقلنا: حتى متى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُطرَد في جبال مكة ويُخاف، فرحلنا حتى قدِمنا عليه في الموسم فواعَدْنا بيعةَ العقبة (٣)، فقال له عمُّه العباس: يا ابن أخي، ما أدري ما هؤلاء القوم الذين جاءوك، إني ذو معرفة بأهل يثرب، فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين، فلما نظر العباسُ في وجوهنا قال: هؤلاء قوم لا نعرفهم، هؤلاء أحداث، فقلنا: يا رسول الله، على ما (٤) نبايعك؟ قال: «على السمع والطاعة في النَّشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقوموا (٥)

في الله لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدِمْتُ عليكم،


(١) ز: «يفتنكم»، وفي هامشه مثل المثبت وعليه «خ».
(٢) م، ق، ن، النسخ المطبوعة: «رجالهم» بالجيم، خطأ.
(٣) وهي بيعة العقبة الثانية. ولفظ «المسند»: «فواعَدْناه شِعْبَ العقبة».
(٤) في «المسند» وغيره: «علامَ» على الجادّة. والمثبت من الأصول لغة ضعيفة. انظر: «المحتسب» لابن جنِّي (٢/ ٣٤٧) و «شرح الشافية» للرضي (٢/ ٢٩٧) و «شواهد التوضيح» لابن مالك (ص ٢٢٧) ط. دار الكمال المتحدة.
(٥) كذا في الأصول، وفي المصادر: «أن تقولوا» ..