للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكثر الإسلام بالمدينة وظهر ثم رجع مصعب إلى مكة، ووافى الموسم ذلك العامَ خلقٌ كثير من الأنصار من المسلمين والمشركين، وزعيم القوم البراء بن مَعْرُور، فلما كانت ليلةُ العقبة ــ الثلثُ الأول من الليل ــ تسلَّل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان، فبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُفيةً من قومهم ومن كفَّار مكة على أن يمنعوه ممَّا يمنعون منه نساءَهم وأبناءهم وأُزُرَهم (١)، فكان أول من بايعه ليلتئذ البراءُ بن معرور (٢)، وكانت له اليد البيضاء إذ أكَّد العقدَ وبادر إليه، وحضر العباس عمُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤكدًا لبيعته كما تقدم، وكان إذ ذاك على دين قومه. واختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم تلك الليلة اثني عشر نقيبًا وهم: أسعد بن زُرارة، وسعد بن الربيع، وعبد الله بن رواحة، ورافع بن مالك، والبراء بن معرور، وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر ــ وكان إسلامه تلك الليلة ــ، وسعد بن عُبادة، والمنذر بن عمرو، وعُبادة بن الصامت، فهؤلاء تسعة من الخزرج؛ ومن الأوس ثلاثة: أُسَيد بن الحُضَير، وسعد بن خيثمة، ورفاعة بن عبد المنذر، وقيل: بل أبو الهيثم بن التَّيهان مكانه.

وأما المرأتان: فأم عُمارة نُسَيبة بنت كعب بن عمرو ــ وهي التي قتل مسيلمة ابنَها حبيبَ بن زيد ــ، وأسماء بنت عمرو بن عدي.


(١) أي أنفسهم، فإنه يُكنى عن النفس بالإزار. «النهاية» (أزر).
(٢) كذا في حديث كعب بن مالك وسيأتي تخريجه، وظاهر حديث جابر السابق أن أسعد بن زُرارة أول من بايع، وذكر ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٤٧) ــ أن بني النجار أيضًا يزعمون ذلك، وبنو عبد الأشهل يقولون: بل أبو الهيثم بن التيهان أول من بايع.