للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصبح صوتٌ بمكة عاليًا يسمعونه ولا يرون القائل:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقَين حلَّا خيمتي أمِّ مَعبدِ

هما نزلا بالبِرِّ وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيقَ محمدِ

فيا لَقُصَيٍّ ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تُجازى وسُؤدَدِ

ليَهْنِ بني كعب مكانُ فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمَرصَدِ

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاةَ تشهد (١)

قالت أسماء: ما درينا أين توجَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذْ أقبل رجل من الجنِّ من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات، والناس يتبعونه يسمعون (٢) صوته وما يرونه حتى خرج من أعلاها، قالت: فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن وَجْهَه إلى المدينة (٣).


(١) أخرجه الطبراني في «الكبير» (٣٦٠٥) والآجري في «الشريعة» (١٠٢٠) والحاكم (٣/ ٩) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٢٢٦٥، ٢٢٦٦) والبيهقي في «الدلائل» (١/ ٢٧٦ - ٢٨٠)، كلهم من طريق حزام بن هشام عن أبيه عن جدّه حُبيش بن خالد - رضي الله عنه -، وهو أخو أم معبد - رضي الله عنها -. قال العلائي في «الفرائد المسموعة» (٢/ ٧١٧): هذا حديث حسن محفوظ من رواية حزام بن هشام.
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» (١/ ١٩٦ - ١٩٨) والحاكم (٣/ ١١) من حديث أبي معبد الخزاعي بمثله، ولكن إسناده واهٍ بمرَّة. انظر: «العلل» لابن أبي حاتم (٢٦٨٦).
تنبيه: وفي القصة ذكرُ أبياتٍ لحسّان بن ثابت جاوب بها الهاتف لم يذكرها المؤلف، وقد أثبتها ناسخ ز في الهامش، مطلعها:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقُدِّس من يسري إليهم ويغتدي
(٢) م، ق، ع: «يستمعون».
(٣) ذكره ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٨٧)، قال: حُدِّثت عن أسماء. وأسند الواقدي كما في «طبقات ابن سعد» (١/ ١٩٦، ١٠/ ٢٧٣) عن عبد الله بن كيسان مولى أسماء وعن غيره نحوَه إلا أن فيه: «ما شعرت قريش أين وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»، وهو أولى إذ يَبعد أن لا تكون أسماء تدري أين توجه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبيها.