للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسار حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوف فنزل على كلثوم بن الهِدْم، وقيل: بل على سعد بن خيثمة، والأول أثبت، فأقام في بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلةً وأسَّس مسجد قباء، وهو أول مسجدٍ أُسِّس بعد النبوة (١).

فلما كان يومُ الجمعة ركب بأمر الله له فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فجمَّع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي.

ثم ركب فأخذوا بخطام راحلته: هلمَّ إلى العدد والعُدَّة والسلاح والمنعة، فقال: «خلُّوا سبيلها فإنها مأمورة»، فلم تزل ناقته سائرةً به لا تمرُّ بدار من دور الأنصار إلا رغبوا إليه في النزول عليهم، ويقول: «دعوها فإنها مأمورة»، فسارت حتى وصلت إلى موضع مسجده اليوم بركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلًا ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها وذلك في بني النجار أخوالِه - صلى الله عليه وسلم - (٢). وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك.

فجعل الناس يكلمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب


(١) أخرجه ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٩٢ - ٤٩٤) والواقدي كما في «طبقات ابن سعد» (١/ ٢٠٠) بأسانيدهما. وهو عند البخاري (٣٩٠٦) عن عروة بن الزبير بنحوه دون ذكر من نزل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من بني عمرو بن عوف.
(٢) انظر الخبر عند موسى بن عقبة كما في «دلائل النبوة» للبيهقي (٢/ ٥٠١)، وعند ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٩٤ - ٤٩٥). وأخرجه ابن سعد (١/ ٢٠٣) بنحوه من مرسل شُرَحبيل بن سعد. وروي نحوه من حديث أنس وابن عمر ولكن إسناديهما واهيان بمرّة. انظر: «الضعيفة» (٦٥٠٨) و «أنيس الساري» (٢٠٧٦).