للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرضهم، كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} إلى قوله: (١) {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٢٠ - ٢١]، وقال في ديار فرعون وقومه وأرضهم: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩)} [الشعراء: ٥٩]، فعلم أن الأرض لا تدخل في الغنائم، والإمام مخيَّر فيها بحسب المصلحة، وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك، وعمر لم يقسم بل أقرَّها على حالها وضرب عليها خراجًا (٢) مستمرًّا في رقبتها يكون للمقاتِلة، فهذا معنى وقفها، ليس معناه الوقفَ الذي يَمنع من نقل الملك في الرقبة، بل يجوز بيع هذه الأرض كما هو عمل الأمة، وقد أجمعوا على أنها تورث والوقفُ لا يورث. وقد نص الإمام أحمد على أنها يجوز أن تُجعل صداقًا، والوقفُ لا يجوز أن يكون (٣) مهرًا في النكاح. ولأن الوقف إنما امتنع بيعُه ونقلُ الملك في رقبته لما في ذلك من إبطال حق البطون الموقوف عليهم من منفعته، والمقاتِلةُ حقُّهم في خراج الأرض، فمَن اشتراها صارت عنده خراجيَّةً كما كانت عند البائع سواءً، فلا يَبطل حقُ أحدٍ من المسلمين بهذا البيع، كما لم يَبطُل بالميراث والهبة والصداق.

ونظير هذا بيع رقبة المكاتَب وقد انعقد فيه سبب الحرية بالكتابة، فإنه ينتقل إلى المشتري مكاتبًا كما كان عند البائع، ولا يَبطل ما انعقد في حقِّه من سبب العتق ببيعه، والله أعلم.


(١) «إلى قوله» من ن، هامش ز. وفي ص، ج، ع ذُكر مطلع الآية الأولى متصلًا بالآية التي تليها. وفي م، ق، ب: «وأحل لهم ديار الكفر وأرضهم، كما قال موسى لقومه: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا ... }».
(٢) م، ق، ب: «خراجها».
(٣) ج: «يُجعل».