للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: ٤٤].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وخُلِقت لأجلها جميعُ المخلوقات، وبها أرسل الله تعالى رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه. ولأجلها نُصِبت الموازين، ووُضِعت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار. وبها تقسَّمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار والأبرار والفجار. فهي منشأ الخلق والأمر والثواب والعقاب، وهي الحقُّ الذي خُلِقت له الخليقة، وعنها وعن حقوقها السؤال والحساب، وعليها يقع الثواب والعقاب. وعليها نُصِبت القبلة، وعليها أُسِّست الملَّة، ولأجلها جُرِّدت سيوفُ الجهاد، وهي حقُّ الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام.

وعنها يُسأل الأولون والآخرون، فلا تزول (١) قدما العبد بين يدي الله تعالى حتى يُسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ (٢) فجواب الأولى بتحقيق لا إله إلا الله معرفةً وإقرارًا وعملًا. وجواب الثانية بتحقيق أن محمدًا رسول الله معرفةً وإقرارًا وانقيادًا وطاعةً.

فأشهد (٣) أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخِيرته من خلقه،


(١) ق: «ولا تزول».
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٤/ ١٤١) عن أبي العالية بلفظ: «يُسأل العبادُ كلُّهم عن خَلَّتين يوم القيامة: عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا المرسلين»، وعن أبي العالية نقله المؤلف في «طريق الهجرتين» (٢/ ٦٤٤) و «مدارج السالكين» (١/ ٤٢٠).
(٣) أدخل الفاء لكونه مرتَّبًا على جواب المسألة الثانية. وفي مب، ن: «وأشهد».