للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من القرآن: في سورة الأعراف، والمؤمنين (١)، و سورة حم السجدة؛ فقال في سورة الأعراف: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، فأمَرَه باتقاء شرِّ الجاهلين بالإعراض عنهم، وباتقاء شرِّ الشيطان بالاستعاذة منه.

وجمع له في هذه الآية مكارمَ الأخلاق والشِّيَم كلَّها، فإن ولي الأمر له مع الرعية ثلاثة أحوال: فإنه لا بد له من حقٍّ عليهم يلزمهم القيام به، وأمرٍ يأمرهم به، ولا بد من تفريطٍ وعدوان يقع منهم في حقه؛ فأُمِر بأن يأخذ من الحق الذي عليهم ما طوَّعت به أنفسهم وسمحت به، وسَهُل عليهم ولم يشق، وهو العفو الذي لا يلحقهم ببذله ضررٌ ولا مشقة؛ وأُمِر أن يأمرهم بالعُرْف وهو المعروف الذي تعرفه العقول السليمة والفِطَر المستقيمة وتقرُّ بحسنه ونفعه، وإذا أمر به يأمر به بالعُرف أيضًا لا بالعُنْف والغِلظة، وأُمِر أن يُقابِل جهل الجاهلين منهم بالإعراض عنه دون أن (٢) يقابله بمثله، فبذلك يكتفي شرهم.

وقال في سورة المؤمنين: {قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}.


(١) كذا في الأصول، وقد سبق مثله في المجلدين الأول (ص ٢٣٣) والثاني (ص ٥٣٦). وفي المطبوع: «المؤمنون»، وهو المشهور رفعًا على الحكاية.
(٢) م، ق، ب: «من»، خطأ.