للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الطبراني في «معجمه الكبير» (١) عن رفاعة بن رافع قال: «لما رأى إبليسُ ما تفعل الملائكة بالمشركين يومَ بدر أشفق أن يَخْلُصَ القتلُ إليه، فتشبَّث به الحارث بن هشام وهو يظنُّه سراقةَ بن مالكٍ، فوكز في صدر الحارث فألقاه ثم خرج هاربًا حتى ألقى نفسه في البحر ورفع يديه فقال: اللهم إني أسألك نَظْرَتَك إيَّاي، وخاف أن يَخْلُصَ إليه القتلُ، فأقبل أبو جهل بن هشام فقال: يا معشر الناس، لا يهزمَنَّكم خُذلانُ سراقةَ إياكم، فإنَّه كان على ميعادٍ من محمد، ولا يَهُولَنَّكم قتلُ عتبةَ وشيبةَ والوليد، فإنهم قد عَجَّلُوا، فواللاتِ والعُزَّى! لا نرجع حتى نُقْرِنَهم بالحِبال، ولا ألفَيَنَّ رجلًا منكم قتل منهم رجلًا، ولكن خذوهم أخذًا حتى نُعرِّفَهم سوءَ صنيعهم».

واستفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال: اللهم أقطعُنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه فأَحِنْه (٢) الغداةَ، اللهم أيُّنا كان أحبَّ إليك وأرضى عندك فانصُرْه اليوم؛ فأنزل الله عز وجل: {(١٨) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ} [الأنفال: ١٩] (٣).

ولما وضع المسلمون أيديهم في العدوِّ يقتلون ويأسرون، وسعد بن معاذ واقف على باب الخيمة التي فيها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ــ وهي العريش ــ


(١) (٥/ ٤٧)، وإسناده ضعيف، فيه عبد العزيز بن عمران الزهري، وهو ضعيف منكر الحديث، وقد تفرّد بروايته.
(٢) أي: أهلِكْه. يقال: (حان الرجل حَينًا) إذا هلك، و (أحانه الله) أهلكه.
(٣) أخرجه أحمد (٢٣٦٦١) والنسائي في «الكبرى» (١١١٣٧) والطبري (١١/ ٩١ - ٩٤) والحاكم (٢/ ٣٢٨) من طرق عن الزهري عن عبد الله بن ثَعلبة بن صُعَير العُذْري ــ وله رؤية - رضي الله عنه - ــ دون قوله: «اللهم أينا كان أحب ... فانصره اليوم».