للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ملائكته، واختصَّها بالقرب من كرسيه ومن عرشه، وأسكنها من شاء من خلقه. فلها مزيَّة وفضل على سائر السماوات، ولو لم يكن إلا قربها منه تبارك وتعالى. وهذا التفضيل والتخصيص مع تساوي مادة السماوات من أبين الأدلة على كمال قدرته تعالى وحكمته، وأنه يخلق ما يشاء ويختار.

ومن هذا: تفضيلُه جنةَ الفردوس على سائر الجنان، وتخصيصُها بأن جعل عرشه سقفها (١). وفي بعض الآثار: إن الله سبحانه غرسها بيده واختارها لخيرته من خلقه (٢).

ومن هذا: اختياره من الملائكة المصطفَين منهم على سائرهم كجبريل، وميكائيل، وإسرافيل. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهمَّ ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السماوات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لِما اخْتُلِفَ فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (٣).

فذكر هؤلاء الثلاثة من الملائكة لكمال اختصاصهم واصطفائهم وقربهم من الله. وكم مِن ملكٍ غيرهم في السماوات، فلم يسمِّ إلا هؤلاء


(١) كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاري (٧٤٢٣، ٢٧٩٠).
(٢) انظر: «تفسير الطبري» (١٧/ ١٦، ١٧) و «صفة الجنة» لابن أبي الدنيا (٤١) و «الإبانة الكبرى» لابن بطة (٢٨١٧ - ٢٨٢١ - ط. آل حمدان) و «الأسماء والصفات» للبيهقي (٦٩٢). ويعضد تلك الآثار ما أخرجه مسلم (١٨٩) من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أن موسى عليه السلام سأل ربَّه عن أعلى أهل الجنّة منزلةً فقال: «أولئك الذين أردتُ، غرستُ كرامتهم بيدي ... ».
(٣) أخرجه مسلم (٧٧٠) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.