للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشرفون عليهم (١). وفي الترمذي (٢) من حديث بُرَيدة بن الحُصَيب الأسلمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم». قال الترمذي: هذا حديث حسن. والذي في «الصحيح» (٣) من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بعث النار: «والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة»، ولم يزد على ذلك. فإما أن يقال: هذا أصح، وإما أن يقال: النبيُّ (٤) - صلى الله عليه وسلم - طمع هو (٥) أن تكون أمته شطر أهل الجنة، فأعلمه ربه تعالى أنهم ثمانون صفًّا من مائة وعشرين، فلا تنافي بين الحديثين، والله أعلم.

ومن تفضيل الله سبحانه لأمته واختياره لها أنه وهبها من العلم والحلم ما لم يهبه لأمة سواها. وفي «مسند البزار» (٦) وغيره من حديث أبي الدرداء


(١) كما في حديث جابر عند أحمد (١٤٧٢١، ١٥١١٥) ومسلم (١٩١).
(٢) برقم (٢٥٤٦)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٢٣٧١) وأحمد (٢٢٩٤٠، ٢٣٠٠٢، ٢٣٠٦١) وابن حبان (٧٤٥٩) والحاكم (١/ ٨١)، من طريق محارب بن دثار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. وأخرجه الدارمي (٢٨٧٧) وابن ماجه (٤٢٨٩) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، إلا أنه اختلف في هذا الطريق وصلًا وإرسالًا، كما أشار إليه الترمذي، وصحح الدارقطني فيه الوصلَ في «علله» (٢٨٤٩). والحديث حسّنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم والضياء المقدسي في «صفة الجنة» (ص ١٦٩).
(٣) للبخاري (٤٧٤١، ٦٥٣٠) ومسلم (٢٢٢).
(٤) ن: «إن النبي» بزيادة «إن».
(٥) ساقط من مب، ن.
(٦) (١٠/ ٢٧). وأخرجه أحمد (٢٧٥٤٥) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٨/ ٣٥٥) والطبراني في «الأوسط» (٣٢٥٢) والحاكم (١/ ٣٤٧). وإسناده ضعيف، فيه أبو حلبس يزيد بن ميسرة، مجهول. ووقع عند البزار: «يونس» بدل «يزيد» وهو أخوه، ثقة؛ فلأجل ذلك حسَّنه هو والحافظ في «الأمالي المطلقة» (ص ٤٨، ٤٩). ولكن مما يدل أنه خطأ أن الطبراني جعله من تفرد يزيد بن ميسرة، وكذلك أبو نعيم في «حلية الأولياء» (١/ ٢٢٧). والحديث ضعفه الألباني في «الضعيفة» (٤٠٣٨، ٤٩٩١)، ولكن لم ينبِّه على ما وقع عند البزار. وجعل محققو «مسند أحمد» هذا من أوهام البزار، ثم نقلوا عن الدارقطني وأبي أحمد الحاكم أنه كان يخطئ، وذكروا أنّ النسائي جرّحه.