للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القوم عِطاش، فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما في أيديهم من السَّرْح وأخذت بأعناق القوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ملكتَ فأَسجِحْ» ثم قال: «إنهم الآن ليُقْرَون في غطفان» (١).

وذهب الصريخ بالمدينة إلى بني عمرو بن عوف، فجاءت الأمداد ولم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذِي قَرَد.

قال عبد المؤمن بن خلف (٢): فاستنقذوا عشرَ لقاح وأفلتَ القومُ بما بقي وهي عشر.

قلت: وهذا غلط بيِّن، والذي في «الصحيحين» (٣): أنهم استنقذوا اللقاح كلها، ولفظ مسلم في «صحيحه» (٤) عن سلمة: «حتى ما خلق الله من شيء من لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا خلَّفتُه وراء ظهري واستلبت منهم ثلاثين بردةً».


(١) أخرجه البخاري (٣٠٤١، ٤١٩٤) ومسلم (١٨٠٦، ١٨٠٧) من حديث سلمة بن الأكوع. قوله: «ملكت فأسجح» من أمثال العرب ومعناه: إذا ملكت الأمر وظفِرت به فاعفُ وأحسن، وكأن المعنى هنا: استنقذتَ اللقاح وملكتها فارفق ولا تبالغ في المطالبة. وقوله: «يُقرَون في غطفان» أي قد وصلوا إلى بلادهم ويُضيَّفون هنالك، فلا فائدة في البعث في أثرهم.
(٢) «السيرة» للدمياطي (ق ٨٨ ب). هكذا ذكره ابن سعد في «الطبقات» (٦/ ١٧٥) ــ والدمياطي صادر عنه ــ من طريق شيخه الواقدي، وهو عنده في «المغازي» (٢/ ٥٤٢).
(٣) من حديث سلمة، وقد سبق تخريجه آنفًا.
(٤) برقم (١٨٠٧) بفروق يسيرة في لفظه عمَّا ذكره المؤلف، ولعله كتبه من حفظه.