للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الشام، وكانت أموالَ قريش.

قال ابن إسحاق (١): حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم قال: خرج أبو العاص بنُ الرَّبِيع تاجرًا إلى الشام وكان رجلًا مأمونًا وكانت معه بضائع لقريش، فأقبل قافلًا فلقيَتْه سريةٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستاقوا عِيره وأفلَتَ، وقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما أصابوا فقسمه بينهم، وأتى أبو العاص المدينة فدخل على زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستجار بها، وسألها أن تطلب له من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردَّ ماله عليه وما كان معه من أموال الناس، فدعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - السرية فقال: «إن هذا الرجل منَّا حيث قد علمتم، وقد أصبتم له مالًا ولغيره، وهو فيء الله الذي أفاء عليكم، فإن رأيتم أن تردوا عليه فافعلوا، وإن كرهتم فأنتم وحقُّكم»، قالوا: بل نردُّه عليه يا رسول الله، فرَدُّوا عليه ــ واللهِ ــ ما أصابوا، حتى إن الرجل ليأتي بالشَّنِّ والرجلُ بالإداوة والرجلُ بالحبل، فما تركوا قليلًا أصابوه ولا كثيرًا إلا رَدُّوه عليه، ثم خرج حتى قدم مكة فأدَّى إلى الناس بضائعهم حتى إذا فرغ قال: يا معشر قريش، هل بقي لأحد منكم معي مال لم أردَّه عليه؟ قالوا: لا، فجزاك الله خيرًا، قد وجدناك وفيًّا كريمًا، قال: أما والله ما منعني أن أُسْلِم قبل أن أَقْدَم عليكم إلا تخوُّفًا أن تظنوا أني إنما أسلمتُ لأذهب بأموالكم، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.

وهذا القول من الواقدي وابن إسحاق يدل على أن قصة أبي العاص (٢)


(١) كما في «الدلائل» (٤/ ٨٥). وهو في «سيرة ابن هشام» (١/ ٦٥٧ - ٦٥٨) بنحوه.
(٢) ق: «أبي العبّاس»، تحريف.