للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعل قصدَه مكفِّرًا لما سلف من الذنوب، ماحيًا للأوزار، حاطًّا للخطايا، كما في «الصحيحين» (١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى هذا البيت فلم يرفُث ولم يفسُق رجع كيوم ولدته أمه».

ولم يرضَ لقاصده من الثواب دون الجنة، ففي «السنن» (٢) من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تابِعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكِيرُ خبَثَ الحديد. وليس للحج المبرور ثواب دون الجنة». وفي «الصحيح» (٣) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما (٤) بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

ولو لم يكن البلد الأمين خيرَ بلاده، وأحبَّها إليه، ومختارَه من البلاد= لما جعل عرصاتها مناسك لعباده، وفرَضَ عليهم قصدها، وجعل ذلك من آكد فروض الإسلام، وأقسم به في كتابه في موضعين منه فقال: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: ٣]، وقال تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: ١]. وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كلِّ قادر السعيُ (٥) إليها والطوافُ بالبيت الذي


(١) البخاري (١٨٢٠) ومسلم (١٣٥٠).
(٢) للترمذي (٨١٠) والنسائي (٢٦٣١)، وأخرجه أحمد (٣٦٦٩). صححه الترمذي وابن خزيمة (٢٥١٢) وابن حبان (٣٦٩٣).
(٣) في النسخ المطبوعة: «الصحيحين». والحديث أخرجه البخاري (١٧٧٣) ومسلم (١٣٤٩).
(٤) ع، ك: «ما».
(٥) ص، ج: «السفر».