للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأذِنَ له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.

فلما قدم مكة قال لامرأته: أَخفي علي واجمعي ما كان لي عندكِ من مالٍ فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه، فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم، وإن محمدًا قد أُسِر وتفرَّق عنه أصحابه، وإن اليهود قد أقسموا (١) ليبعَثُنَّ به إلى مكة ثم ليقتلُنَّه بقتلاهم بالمدينة (٢)، وفشا ذلك في مكة واشتد على المسلمين وبلغ منهم، وأظهر المشركون الفرح والسرور، وبلغ العباسَ عمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زَجْلةُ الناس وجَلَبتهم وإظهارُهم السرورَ فأراد أن يقوم ويخرج فانخزل ظهرُه فلم يقدر على القيام، فدعا ابنًا له يقال له: «قُثَم» وكان شِبْهَ (٣) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يرتجز ويرفع صوته لئلا يشمت به أعداء الله: «قُثَمْ، شبيه ذي الأنف الأَشَمْ، فتى (٤) ذي النِّعَمْ، برغم مَن رَغَمْ».

وحشر إلى باب داره رجال كثيرون من المسلمين والمشركين، منهم المُظهر للفرح والسرور، ومنهم الشامت والمعزِّي، ومنهم مَن به مثل الموت من الحزن والبلاء؛ فلما سمع المسلمون رجز العباس وتجلُّدَه طابت أنفسهم، وظن المشركون أنه قد أتاه ما لم يأتهم.


(١) ص، د: «اقتسموا».
(٢) من قوله: «وإن محمد قد أُسر ... » إلى هنا ليس خبر موسى بن عقبة ولا في مصادر التخريج السابقة، وإنما ذكره بنحوه ابنُ إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٣٤٦) ــ والواقدي (٢/ ٧٠٣) وابن سعد (٢/ ١٠٢).
(٣) س، ن: «يُشبه».
(٤) كذا في الأصول. والذي في المصادر: «نبيُّ».