للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، لأنه إنما بايعهم على ذلك لمّا بلغه أنهم قد قتلوا عثمان وهم يريدون قتاله، فحينئذ بايع الصحابة، ولا خلاف في جواز القتال في الشهر الحرام (١) إذا بدأ العدُّو، إنما الخلاف هل يقاتل فيه ابتداءً، فالجمهور جوزوه وقالوا: تحريم القتال فيه منسوخ، وهو مذهب الأئمة الأربعة.

وذهب عطاء وغيره إلى أنه ثابت غير منسوخ، وكان عطاء يحلف بالله ما يحل القتال في الشهر الحرام ولا نَسَخ تحريمَه شيء (٢).

وأقوى من هذين الاستدلالين الاستدلال بحصار النبي - صلى الله عليه وسلم - للطائف، فإنه خرج إليها في أواخر شوال، فحاصرهم بضعًا وعشرين ليلةً، فبعضها كان في ذي القعدة، فإنه فتح مكة لعشرٍ بقين من رمضان (٣)، وأقام بها بعد الفتح تسع عشرة يقصر الصلاة (٤)، فخرج إلى هوازن وقد بقي من شوال عشرون يومًا، ففتح الله عليه هوازن وقسم غنائمها، ثم ذهب منها إلى الطائف فحاصرها بضعًا وعشرين ليلةً، وهذا يقتضي أن بعضها في ذي القعدة بلا شك.

وقد قيل: إنما حاصرهم بضع عشرة ليلةً. قال ابن حزم (٥): وهو الصحيح بلا شك. وهذا عجب منه! فمن أين له هذا التصحيح والجزم به؟


(١) زيد بعده في هامش ز: «دفعًا»، وكذا في س مصححًّا عليه مع الضرب على قوله: «إذا بدأ العدو»، وعلى وفقه جاء السياق في ن.
(٢) انظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٦٦٣).
(٣) ص، ز، د: «لعشرين من رمضان»، والمعنى واحد. وانظر: «دلائل النبوة» (٥/ ٢٤).
(٤) أخرجه البخاري (٤٢٩٨) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٥) في «جوامع السيرة» (ص ٢٤٣).