للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر. هكذا رواه سفيان بن عُيينة مفصَّلًا مميَّزًا (١)،

فظن بعض الرواة أن يوم خيبر زمن للتحريمين فقيّدهما به، ثم جاء بعضهم فاقتصر على أحد المُحرَّمَين وهو تحريم الحُمُر (٢) وقيَّده بالظرف، فمن هاهنا نشأ الوهم.

وقصة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتَّعون باليهوديات، ولا استأذنوا في ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نقله أحد قطُّ في هذه الغزوة، ولا كان للمتعة فيها ذِكرٌ البتة لا فعلًا ولا تحريمًا، بخلاف غزاة الفتح فإن قصة المتعة كانت فيها فعلًا وتحريمًا مشهورةً. وهذه الطريقة أصح الطريقتين.

وفيها طريقة ثالثة وهي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرمها تحريمًا عامًّا البتة، بل حرمها عند الاستغناء عنها وأباحها عند الحاجة إليها، وهذه كانت طريقة


(١) لم أجده باللفظين المذكورين عند أحمد، ولكن أخرجه برقم (٥٩٢) عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن الحسن وعبد الله ابني محمد ابن الحنفية، عن أبيهما أن عليًّا قال لابن عباس: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر». وأخرجه أيضًا الحميدي (٣٧) والترمذي (١١٢١) والنسائي (٤٣٣٤) عن سفيان به، زاد الحميدي: قال سفيان: «يعني أنه نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر، لا يعني نكاح المتعة».

ورواه بعضهم عن سفيان فلم يضبطوا لفظه فجعلوا «يوم خيبر» ظرفًا لتحريم المتعة، كما عند مسلم (١٤٠٧/ ٣٠) وأبي يعلى (٥٧٦).
(٢) كذا في جميع الأصول، وهو سبق قلم من المؤلف فإن السياق يقتضي: «تحريم المتعة»، وسيأتي على الصواب في فقه غزوة الفتح (ص ٥٦٩) حيث قال: « ... واقتصر بعضهم على رواية بعض الحديث فقال: حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتعة زمن خيبر، فجاء بالغلط البيِّن».