للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موته - صلى الله عليه وسلم - (١). وهذا مذهب محمد بن جرير الطبري (٢)، وهو قول قوي يسوغ العمل به إذا رأى الإمام فيه المصلحة.

ولا يقال: أهل خيبر لم تكن لهم ذمة بل كانوا أهلَ هدنة، فهذا كلامٌ لا حاصلَ تحته، فإنهم كانوا أهل ذمة قد أَمِنوا بها على دمائهم وأموالهم أمانًا مستمرًّا.

نعم، لم تكن الجزية قد شُرِعت ونزَل فرضُها، وكانوا أهلَ ذمةٍ بغير جزية، فلما نزل فرض الجزية استؤنف ضربها على من تُعقَد له الذمة من أهل الكتاب والمجوس، فلم يكن عدمُ أخذ الجزية منهم لكونهم ليسوا أهلَ ذمة، بل لأنها لم تكن نزل فرضُها بعد.

وأما كون العقد غيرَ مؤبَّدٍ فذاك لمدة إقرارهم في أرض خيبر، لا لمدة حقن دمائهم ثم يستبيحها الإمام متى شاء، ولهذا قال: «نُقِرُّكم ما أقرَّكم الله» أو «ما شئنا»، ولم يقل: نحقن دماءكم ما شئنا.

وهكذا كان عقد الذمة لقُرَيظة والنَّضير عقدًا مشروطًا بأن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه، ومتى فعلوا فلا ذِمَّة لهم، وكانوا أهل ذمة بلا جزية إذ لم يكن نزل فرضها إذ ذاك، واستباح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سبيَ نسائهم وذراريِّهم،


(١) أخرجه البخاري (٢٧٣٠) من طريق مالك، وأخرجه ابن حبان (٥١٩٩ - الإحسان، ٢١٤٥ - التقاسيم) وابن المنذر في «الأوسط» (٦/ ٣٦٥ - ٣٦٧) والبيهقي في «السنن» (٩/ ١٣٧) و «الدلائل» (٤/ ٢٢٩ - ٢٣١) من طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر؛ كلاهما (مالك وعبيد الله) عن نافع عن ابن عمر. وهذا لفظ حديث حماد بن سلمة.
(٢) لم أجده في مؤلفاته المطبوعة، وقد ذكره عنه شيخ الإسلام في «فتاويه» (١٩/ ٢٣).