للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصفات القائمة بها. وهذه الأقاويل (١) وأمثالها من الجنايات التي جناها المتكلمون على الشريعة ونسبوها إليها وهي بريئة منها. وليس معهم أكثر من اشتراك الذوات في أمرٍ عامٍّ، وذلك لا يوجب تساويها في الحقيقة؛ لأن المختلفات قد تشترك في أمرٍ عامٍّ مع اختلافها في صفاتها النفسية.

وما سوَّى الله بين ذات المسك وذات البول أبدًا، ولا بين ذات الماء وذات النار أبدًا. والتفاوتُ الذي بين الأماكن الشريفة وأضدادها والذوات الفاضلة وأضدادها أعظمُ من هذا التفاوت بكثير. فبين ذات موسى وفرعون (٢) من التفاوت أعظم مما بين ذات المسك والرجيع. وكذلك التفاوت بين نفس الكعبة وبين بيت الشيطان (٣) أعظم من هذا التفاوت (٤) بكثير. فكيف تُجعَل البقعتان (٥) سواءً في الحقيقة والتفضيل باعتبار ما يقع هناك من العبادات والأذكار والدعوات؟!

ولم نقصد استيفاء الردِّ على هذا المذهب المردود المرذول، وإنما قصدنا تصويره، وإلى اللبيب العاقل التحاكم، ولا يعبأ الله وعباده بغيره شيئًا. والله سبحانه لا يخصِّص شيئًا ولا يفضِّله ويرجِّحه إلا لمعنًى يقتضي


(١) ما عدا ق، ن: «الأمور». وفي ص وضعت علامة اللحق بعده وكتب في الحاشية: «والأقاويل صح» يعني أن في الأصل الذي قوبلت النسخة عليه: «الأمور والأقاويل». وفي حاشية ع أيضًا ذكرت نسخة «الأقاويل».
(٢) كذا في جميع الأصول، يعني: «وذات فرعون».
(٣) في النسخ المطبوعة: «السلطان»، تحريف.
(٤) بعده فيما عدا ص، ج: «أيضًا».
(٥) ن: «البقعات». وفي ك، ع: «النقيضان»، ولعله تحريف.