للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليهم عيينة: إما أن تسيروا إلينا وإما أن نسير إليكم، فأرسلَوا إليه أن سِرْ إلينا وهم يريدونك أو بعضَ أطرافِك، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعمر فذكر لهما ذلك، فقالا جميعًا: ابعَثْ بشيرَ بن سعدٍ، فعقد له لواءً وبعث معه ثلاثمائة رجل، وأمرهم أن يسيروا الليل ويَكمُنُوا النهار، وخرج معهم حُسَيل دليلًا، فساروا الليل وكمنوا النهار حتى أتوا أسفل خيبر، حتى دنوا من القوم فأغاروا على سرحهم، وبلغ الخبرُ جميعَهم (١) فتفرَّقوا، فخرج بشير في أصحابه حتى أتى محالَّهم، فيجدها ليس بها أحد فرجع بالنعم، فلما كانوا بسِلاحٍ (٢) لَقُوا عينًا لعيينة فقتلوه، ثم لقوا جمعَ عيينةَ وعيينةُ لا يشعر بهم، فناوشوهم، ثم انكشف جمعُ عيينة وتبعهم أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأصابوا منهم رجلين فقدموا بهما على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسلما فأرسلهما.

وقال الحارث بن عوف (٣) لعيينة ولقيه منهزمًا تعدو به فرسه: قف، فقال: لا أقدِر خلفي الطلب، فقال له الحارث: أما آن لك أن تبصر بعض ما أنت عليه؛ إن محمدًا قد وطئ البلاد وأنت تُوضِع في غير شيء؟ قال


(١) أي جَمْعَهم، وفي ن، المطبوع: «جمعهم».
(٢) تقع في موضعه اليوم قريةُ العِشاش في الجزء الشمالي من محافظة خيبر. وتوجد آثار سلاح في آخر العشاش من الجنوب. انظر: «معجم معالم الحجاز» للبلادي (ص ٨٢١).
(٣) هو سيد بني مُرَّة من غطفان، وكان هو وعيينة بن حصن الفَزاري قائدَي غَطَفان في الأحزاب، أسلم سنة تسع منصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك. انظر: «طبقات ابن سعد» (٦/ ٢١٠).