للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرابع: لا قضاء عليه ولا هدي، وهو إحدى الروايات عن أحمد (١).

فمن أوجب عليه الهدي والقضاء احتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا الهدي حين صُدُّوا (٢) ثم قضَوا من قابلٍ. قالوا: والعمرة تلزم بالشروع، ولا يسقط الوجوب إلا بفعلها، ونحرُ الهدي لأجل التحلُّل قبل تمامها (٣). قالوا: وظاهر الآية يوجب الهدي لقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

ومن لم يوجبهما قالوا: لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين أحصروا معه بالقضاء ولا أحدًا منهم، ولا وقف الحلُّ على نحرهم الهدي، بل أمرهم أن يحلقوا رؤوسهم وأمر من كان معه هدي أن ينحر هديه.

ومن أوجب الهدي دون القضاء احتج بقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.

ومن أوجب القضاء دون الهدي احتج بأن العمرة تلزم بالشروع، فإذا أحصر جاز له تأخيرُها لعذر الإحصار، فإذا زال الحصر أتى بها بالوجوب السابق، ولا يوجب تخلُّلُ التحلُّلِ بين الإحرام بها أولًا وبين فعلها في وقت الإمكان شيئًا. وظاهر القرآن يرد هذا القول ويوجب الهدي دون القضاء، لأنه جعل الهدي هو جميع ما على المُحصَر، فدل على أنه يُكتفى به منه. والله أعلم.


(١) لم أجد هذه الرواية. ومن الغريب أن ابن مفلح في «الفروع» (٦/ ٨٣) ومن تبعه كصاحبَي «الإنصاف» (٩/ ٣١٨) و «المبدع» (٣/ ١٩٦) نسبوا إلى المؤلف أنه اختار هذا القول في «زاد المعاد»، مع أنه سيأتي قريبًا ترجيحه لوجوب الهدي دون القضاء.
(٢) بعده في ص، د: «عن البيت» وعليه علامة الإلغاء، ولكنهم أثبتوه في المطبوع.
(٣) س: «إتمامها».