للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالليلة نيرانًا قطُّ ولا عسكرًا، قال: يقول بُدَيل: هذه واللهِ خزاعةُ حَمَشَتْها الحربُ (١)، فيقول أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها، قال: فعرفتُ صوتَه فقلت: أبا حنظلة! فعرف صوتي فقال: أبا الفضل؟ قلت: نعم، قال: ما لك فداك أبي وأمي؟ قال: قلتُ: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس واصباحَ قريشٍ واللهِ! قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ قلت (٢): والله لئن ظفر بك ليضربنَّ عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأستأمنَه لك، فركب خلفي ورجع صاحباه (٣).

قال: فجئت به، فكلما مررت بنارٍ (٤) من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عليها قالوا: عمُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال: من هذا؟ وقام إليَّ، فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال: أبو سفيان عدو الله؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج يشتد نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وركضتُ البغلةَ فسبقتُ، فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودخل عليه عمر فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان فدعني أضرب عنقه، قال: قلت: يا رسول الله، إني قد أجرتُه، ثم جلست إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت برأسه فقلت: والله لا يناجيه الليلةَ أحدٌ دوني.


(١) أي: أغضبَتْهم وأثارتهم.
(٢) زِيد بعده في س، هامش ز: «هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»، ولعله خطأ بانتقال النظر إلى ما سبق.
(٣) هامش ف: «بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام» زيادة توضيحية.
(٤) المطبوع: «به على نار» خلافًا للأصول وللفظ ابن إسحاق.