للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ألا كلُّ مأثرةٍ أو مال أو دم فهو تحت قدمَيَّ هاتين، إلَّا سِدانةَ البيت وسقاية الحاج. ألا وقتلُ الخطإ شِبْهُ العمد السوطُ والعصا ففيه الديةُ مغلظةً مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها.

يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتَعَظُّمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب»، ثم تلا هذه الآية {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣].

ثم قال: «يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: «فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء» (١).


(١) خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرها ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤١٢) ــ عن بعض شيوخه من أهل العلم مرسلة. ولها شواهد حسان تعضدها، منها:
ما أخرجه الأزرقي في «أخبار مكة» (٢/ ١٢١) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن عطاء والحسن وطاوس مرسلًا بنحوه أطول مما هنا. ومسلم بن خالد فيه لين، ولكن تابعه إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أشياخه ــ دون أن يسميهم ــ ببعضه. أخرجه البلاذري في «فتوح البلدان» (ص ٥٧).
وللفقرة الأولى شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بمثله. أخرجه أبو داود (٤٥٤٧) وابن حبان (٦٠١١) بإسناد جيِّد.
وللفقرة الثانية شاهد من حديث ابن عمر عند الترمذي (٣٢٧٠) وابن أبي حاتم في «تفسيره» ــ كما في «تفسير ابن كثير» (الحجرات: ١٣) ــ بإسنادين ضعيفين. ويشهد له أيضًا حديث أبي هريرة عند أحمد (٨٧٣٦) وأبي داود (٥١١٦) بإسناد حسن إلا أنه ليس فيه ذكر الخطبة والآية.
وللفقرة الثالثة شاهد من حديث أبي هريرة عند النسائي في «الكبرى» (١١٢٣٤) والطحاوي في «معاني الآثار» (٣/ ٣٢٥) والبيهقي في «الدلائل» (٥/ ٥٨) بإسناد جيّد، إلا أنه ليس فيه قوله: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، ولكن يشهد له أن مسلمة الفتح كان يقال لهم «الطلقاء» كما في حديث أنس عن أحداث غزوة حنين عند البخاري (٤٣٣٣) ومسلم (١٠٥٩/ ١٣٥).