للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: «هل رأيت شيئًا؟» قال: لا، قال: «فإنك لم تهدمها، فارجع إليها فاهدمها»، فرجع خالد وهو متغيِّظ فجرَّد سيفه، فخرجت إليه امرأة (١) عريانةٌ سوداء ناشرة الرأس، فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد فجزلها باثنتين، ورجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: «نعم، تلك العزى وقد أيست أن تُعبد في بلادكم أبدًا» (٢). وكانت بنخلةَ (٣)، وكانت لقريش وجميع بني كنانة، وكانت أعظمَ أصنامهم، وكان سدنتها بني شيبان.

ثم بعث عمرو بن العاص إلى سُواع ــ وهو صنم لهُذَيل ــ ليهدمه. قال عمرو: فانتهيت إليه وعنده السادِن فقال: ما تريد؟ فقلت: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهدمه، فقال: لا تقدر على ذلك، قلت: لم؟ قال: تُمنَع، قلت: حتى الآن أنت على الباطل؟! ويحك وهل يسمع أو يبصر؟ قال: فدنوت منه


(١) بعده في طبعة الرسالة: «عجوز»، وليس في شيء من الأصول، ولا في الطبعة الهندية، ولا في مصادر التخريج.
(٢) أخرجه الواقدي (٣/ ٨٧٣) ــ وعنه كاتبه في «الطبقات» (٥/ ٣٢) ــ عن عبد الله بن يزيد الهُذلي عن سعيد بن عمرو الهذلي به، ولعله لسعيد هذا صحبة، فإن أباه كان شيخًا كبيرًا قد أدرك الجاهلية الأولى والإسلام. انظر: «معرفة الصحابة» (٤/ ٢٠٤٣). وله شاهد بنحوه من حديث أبي الطفيل عند النسائي في «الكبرى» (١١٤٨٣) وأبي يعلى (٩٠٢) والضياء في «المختارة» (٨/ ٢١٩) بإسناد حسن، إلَّا أنه ليس فيه قوله: «وقد أيست ... » إلخ.
(٣) هما نخلتان كما سبق: الشامية واليمانية، والعُزَّى كانت بوادٍ من نخلةَ الشامية يُقال له حُراض. انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٤/ ١١٦). ويقال له اليوم: حُراض بني عُمير، شمال شرقي مكة المكرمة على قرابة ٤٥ كيلًا.