للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلًا من المهاجرين والأنصار وبني سليم، فانتهى إليهم، قال: ما أنتم؟ قالوا: مسلمون، قد صلينا وصدَّقنا بمحمد وبنينا المساجد في ساحتنا وأذَّنَّا فيها، قال: فما بال السِّلاح عليكم؟ قالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوةً فخِفنا أن تكونوا هم ــ وقد قيل: إنهم قالوا: صبأنا صبأنا (١)، ولم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا (٢) ــ قال: فضعوا السلاح، فوضعوه فقال لهم: استأسروا فاستأسر القوم، فأمر بعضهم فكتَّف بعضًا، وفرقهم في أصحابه، فلما كان في السحر نادى خالد: من كان معه أسير فليضرب عنقه، فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم، وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أسراهم، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما صنع خالد فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» (٣)، وبعث عليًّا فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم.

وكان بين خالد وبين عبد الرحمن بن عوف في ذلك كلام وشرٌّ، فبلغ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «مهلًا يا خالد، دع عنك أصحابي، فوالله لو كان لك أُحُد ذهبًا ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غَدوة رجلٍ من أصحابي ولا روحته» (٤).


(١) «صبأنا» الثانية سقطت من المطبوع.
(٢) هذا لفظ حديث ابن عمر عند البخاري (٤٣٣٩، ٧١٨٩).
(٣) زاد في هامش ز: «مرّتين» وهو كذلك في حديث ابن عمر عند البخاري، ولكن ليس في رواية ابن سعد التي ينقلها المؤلف.
(٤) ذكره ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤٣١). وأسنده الواقدي (٣/ ٨٨٠) من حديث سلمة بن الأكوع بنحوه. والحديث عند البخاري (٣٦٧٣) ومسلم (٢٥٤١) ــ واللفظ له ــ عن أبي سعيد الخُدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيءٌ فسبَّه خالد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبُّوا أحدًا من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثلَ أحدٍ ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه».