للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة بعرفة». وفي إسناده نظر، لأنَّ مهدي بن حرب الجزري (١) ليس بمعروف، ومداره عليه. ولكن ثبت في «الصحيح» (٢) من حديث أم الفضل: «أن ناسًا تمارَوا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلَتْ إليه بقَدَح لبنٍ وهو واقف على بعيره، فشربه».

وقد اختلف في حكمة استحباب فطر يوم عرفة بعرفة، فقالت طائفة: ليتقوَّى على الدعاء، هذا قول الخِرَقي وغيره (٣). وقال غيرهم ــ منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ــ: الحكمة فيه أنه عيد لأهل عرفة، فلا يُستحَبُّ صومه. قال: والدليل عليه الحديث (٤) الذي في «السنن» (٥)

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:


(١) كذا في جميع الأصول. وفي هامش ن: «الصواب: الهجري، كما في الخلاصة والتقريب». وهو كما قال. ولعله تحريف «الهجَري». وفي النسخ المطبوعة: «العبدي».
(٢) البخاري (١٦٦١) ومسلم (١١٢٣).
(٣) انظر: «المغني» (٤/ ٤٤٤).
(٤) ج: «الحديث المشهور».
(٥) أبو داود (٢٤١٩) والترمذي (٧٧٣) والنسائي في «المجتبى» (٣٠٠٤) وفي «الكبرى» (٤١٦٧)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٩٨٦٣) وأحمد (١٧٣٧٩، ١٧٣٨٣) والدارمي (١٨٠٥). صححه الترمذي وابن خزيمة (٢١٠٠) وابن حبان (٣٦٠٣) والحاكم (١/ ٤٣٤). وعندهم جميعًا: «وأيام التشريق»، وليست عند ابن أبي شيبة.

قال ابن عبد البر في «التمهيد» (٢١/ ١٦٣): «هذا حديث انفرد به موسى بن علي عن أبيه، وما انفرد به فليس بالقوي، وذكْر «يوم عرفة» في هذا الحديث غير محفوظ، وإنما المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه: (يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق)». وأجاب عنه ابن رجب في «فتح الباري» (١/ ١٧٣)، وقبله شيخ الإسلام كما سيذكره المؤلف. وقد بوَّب عليه النسائي في «الكبرى»: «النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة».