للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا شرع الله سبحانه لعباده يومًا يجتمعون فيه، فيذكرون المبدأ والمعاد والجنة والنار، وادخر الله لهذه الأمة يوم الجمعة، إذ فيه كان المبدأ وفيه المعاد. ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في فجره سورتي (السجدة) و (هل أتى على الإنسان) (١) لاشتمالهما على ما كان ويكون في هذا اليوم، من خلق آدم، وذكر المبدأ والمعاد، ودخول الجنة والنار؛ وكان (٢) يذكِّر الأمةَ في هذا اليوم بما كان فيه وما يكون. فهكذا يتذكر الإنسان بأعظم مواقف الدنيا ــ وهو موقف عرفة (٣) ــ الموقفَ الأعظمَ بين يدي الربِّ في هذا اليوم بعينه، ولا ينتصف حتى يستقرَّ أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم.

الثامن: أن الطاعة الواقعة من المسلمين يوم الجمعة (٤) أكثر منها في سائر الأيام، حتى إن أكثر أهل الفجور ليحترمون يوم الجمعة وليلته، ويرون أن من تجرَّأ فيه على معاصي الله عجَّل الله عقوبته ولم يُمهله. وهذا أمر قد استقرَّ عندهم وعلموه بالتجارب، وذلك لعظم اليوم وشرفه عند الله، واختيار الله له من بين سائر الأيام. ولا ريب أن للوقفة فيه مزيةً على غيره.

التاسع: أنه موافق ليوم المزيد (٥) في الجنة. وهو اليوم الذي يجتمع فيه


(١) البخاري (٨٩١) ومسلم (٨٨٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) مب: «فكان»، وكذا غيَّره بعضهم في ص.
(٣) ك، ع، مب: «يوم عرفة» وقد كتب بعضهم في حاشية ع: «موقف» مع علامة صح، يعني أن الصواب «موقف عرفة»، ففهم بعضهم أنه يقصد: «يوم موقف عرفة» كما في ق.
(٤) في ن فوق السطر: «وليلة الجمعة».
(٥) سيأتي ذكر الأحاديث عن يوم المزيد بأسانيدها عند ذكر خصائص يوم الجمعة.