للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا إحدى الروايتين عن أحمد وأحد قولي الشافعي (١)، ويروى عن ابن عمر وابن عباس وعائشة (٢).

وقال أحمد في الرواية الأخرى والشافعي في القول الآخر: لا يجوز التقاطها للتمليك، وإنما يجوز لحفظها لصاحبها، فإن التقطها عرَّفها أبدًا حتى يأتي صاحبُها، وهذا قول عبد الرحمن بن مهدي وأبي عبيد، وهذا هو الصحيح والحديثُ صريح فيه. والمنشد: المُعرِّف، والناشد: الطالب، ومنه قوله (٣):

إصاخةَ الناشد للمنشد

وقد روى أبو داود في «سننه» (٤): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لقطة الحاج، قال


(١) انظر: «عقد الجواهر الثمينة» لابن شاس (٣/ ٨١)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٢)، و «نهاية المطلب» للجويني (٨/ ٤٨٩)، و «الإنصاف» (١٦/ ٢٣٨)، والمؤلف صادر عن «المغني» (٨/ ٣٠٥).
(٢) كذا في «المغني»، والذي في «الأوسط» لابن المنذر (١١/ ٤٠٥ - ٤٠٦) أنه يُروى ذلك عن عمر بن الخطاب (وليس ابن عمر). وقد أسند ابن المنذر آثارهم في ذلك، وليس في الأثر عن عمر وابن عبَّاس حجة لهذا القول، لأنهما أمرا الملتقط بالتصدُّق بها عن صاحبها إذا لم يجده بعد التعريف. وأما عائشة فإنها قالت للمرأة التي أصابت ضالَّة في الحرم وعرَّفَتْها فلم تجد أحدًا يعرفها: «استنفعي بها». وإسناده صحيح، وأخرجه أيضًا الطحاوي في «معاني الآثار» (٤/ ١٣٩) واحتجَّ به على مذهبه.
(٣) عجُز بيتٍ للمثقَّب العبدي وهو يصف إصاخة الثور ــ أي: استماعه ــ وتوجُّسه إذا أحس بشيء من أسباب القانص، وصدره:
يُصيخ للنَّبْأة أسماعَه
انظر: «ديوانه» (ص ٤١) و «البيان والتبيُّن» (٢/ ٢٨٨).
(٤) برقم (١٧١٩) من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي - رضي الله عنه -. والحديث عند مسلم في «صحيحه» (١٧٢٤) دون قول ابن وهب.