للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرحمة، والصبر، والوفاء، وسهولة الجانب ولين العريكة، والصدق، وسلامة الصدر من الغِلّ والغِشّ والحقد والحسد، والتواضع وخفض الجناح لأهل الإيمان، والعزّ والغلظة والتكبُّر (١) على أعداء الله، وصيانة الوجه عن بذله وتذلُّله لغير الله، والعفة، والشجاعة، والسخاء، والمروءة، وكلِّ خُلُق اتفقت على حسنه (٢) الشرائع والفِطَر والعقول.

وكذلك لا يختار من المطاعم إلا أطيبها، وهو الحلال الهنيء المريء الذي يغذِّي البدن والروح أحسن تغذية، مع سلامة العبد من تبعته. وكذلك لا يختار من المناكح إلا أطيبها، ومن الرائحة إلا أطيبها وأزكاها، ومن الأصحاب والعُشَراء إلا (٣) الطيِّبين منهم. فروحه طيِّبة، وبدنه طيِّب، وخُلقه طيِّب، وعمله طيِّب، وكلامه طيِّب. ومطعمه ومشربه طيِّب. وملبسه ومنكحه طيِّب. ومدخله ومخرجه طيِّب. ومنقلبه ومثواه كلُّه طيِّب.

فهذا ممن قال الله تعالى فيه: {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢]، ومن الذين يقول (٤) لهم خزنة الجنة: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: ٧٣]. وهذه الفاء تقتضي السببية، أي: بسبب طيبكم ادخلوها. وقال تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: ٢٦]. وقد فُسِّرت الآية بأن الكلمات الخبيثات للخبيثين،


(١) «والتكبر» ساقط من النسخ المطبوعة.
(٢) «على حسنه» وقع في ك، ع بعد «العقول».
(٣) لفظ «إلا» من مب، ن. وكانت ساقطة من ص، ك، فزيدت فيهما.
(٤) ج: «تقول». وفي ك، ع، مب: «يقولون».