للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمصلحة الراجحة في تأليفه وجبره (١)، وكان هذا بعد النهي عن لباس الحرير كما بيناه مستوفًى في كتاب «التحبير (٢) بما (٣) يحل ويحرم من لباس الحرير» (٤)، وبينا أن هذا كان عام الوفود سنة تسع، وأن النهي عن لباس الحرير كان قبل ذلك بدليل أنه نهى عمر عن لبس الحلَّة الحرير التي أعطاه إياها فكساها عمر أخًا له مشركًا بمكة (٥)، وهذا كان قبل الفتح ولباسُه - صلى الله عليه وسلم - هديةَ ملكِ أيلةَ كان بعد ذلك.

ونظير هذا نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة قبل طلوع الشمس وبعد العصر سدًّا لذريعة التشبُّه (٦) بالكفار، وأباح ما فيه مصلحة راجحة من قضاء الفوائت وقضاء السنن وصلاة الجنازة وتحية المسجد، لأن مصلحة فِعلها أرجحُ من مفسدة النهي. والله أعلم.


(١) لعله يشير بذلك إلى حديث عُقبة بن عامر أنه قال: أُهدي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوجُ حرير، فلبِسَه فصلَّى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له وقال: «لا ينبغي هذا للمتقين». أخرجه البخاري (٣٧٥) ومسلم (٢٠٧٥) على أني لم أجد رواية تشير إلى أن ملك أيلة هو الذي أهدى له ذلك، بل الذي في حديث أنس عند البخاري (٢٦١٥ - ٢٦١٦) ومسلم (٢٤٦٩) أن أُكيدَر دُومة أهدى له جُبَّة سندس، وكذا في حديث علي عند مسلم (٢٠٧١/ ١٨)؛ فإن كان هو فَرُّوج الحرير الذي في حديث عقبة صحَّ الاستدلال بهدية أكيدر أيضًا، لأنها كانت بعد غزوة تبوك والنهيُ عن لبس الحرير كان قد ثبت قبل ذلك بمدّة كما سيقرّره المؤلف.
(٢) طبعة الرسالة: «التخيير» خلافًا للأصول والطبعة الهندية.
(٣) د، المطبوع: «فيما».
(٤) لا يزال في عداد المفقود، وسيأتي ذكره عند المؤلف في كتاب الطب أيضًا (٤/ ١٠٨).
(٥) أخرجه البخاري (٨٨٦، ٢٦١٢) ومسلم (٢٠٦٨) من حديث نافع عن ابن عمر.
(٦) ص، د، ز: «التشبيه».