للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وهذه كلمات يسيرة لا يستغني عن معرفتها من له أدنى همة إلى معرفة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - وسيرته وهديه، اقتضاها الخاطر المكدود على عُجَره وبُجَره، مع البضاعة المزجاة التي لا تُفتَح لها أبوابُ السُّدَد (١)، ولا يتنافس فيها المتنافسون، مع تعليقها في حال سفر لا إقامة، والقلبُ بكلِّ واد منه شعبة، والهمةُ قد تفرَّقت شذَرَ مذَرَ، والكتاب مفقود، ومن يفتح بابَ العلم مذاكرتُه معدوم غير موجود. فعُودُ العلم النافع الكفيل بالسعادة قد أصبح ذاويًا، ورَبْعُه قد أوحش من أهله وعاد منهم خاليًا. فلسانُ العالِم قد مُلئت بالفلول مَضاربُه (٢) لغلبة الجاهلين، وعادت موارد شفائه وهي معاطبُه لكثرة المنحرفين والمحرِّفين. فليس له معوَّل إلا الصبر الجميل، وما له ناصر ولا معين إلا الله وحده، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) العبارة ناظرة إلى ما ورد في إحدى نسخ «المسند» (ظ ١٤) من حديث ابن عمر (٦١٦٢) في أول الواردين على الحوض: «صعاليك المهاجرين ... الدنسة ثيابهم، لا تفتح لهم أبوابُ السُّدَد». والرواية المشهورة: «لا تفتح لهم السُّدَد» وفسِّرت بالأبواب كما في حديث أبي سعيد في «صحيح مسلم» (١١٦٧): «في قبّة تركية على سُدّتها حصير» أي على بابها. قال أبو عمرو: السُّدَّة كالصُّفَّة تكون بين يدي البيت، والظُّلَّة تكون لباب الدار. قال أبو عبيد: وبعضهم يجعل السُّدَّة البابَ نفسه. انظر: «تهذيب اللغة» (١٢/ ٢٧٩) و «مشارق الأنوار» (٢/ ٢١١).
(٢) في طبعة الرسالة: «قد ملئ بالغلول مضاربةً» تبعًا لطبعة الفقي وغيرها، وهي عبارة مصحفة مزالة عن وجهها ذاهب معناها. وفي ن: «ثُلمت»، وفي هامشها «ملئت».