للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُكَيدرِ دُومَةَ (١)، وهو أكيدر بن عبد الملك رجلٌ من كِندة كان نصرانيًّا وكان مَلِكًا عليها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخالد: «إنك ستجده يصيد البقر»، فخرج خالد حتى إذا كان من حِصنه بمنظر العين وفي ليلة مُقمِرةٍ صائفةٍ، وهو على سطح له ومعه امرأته، فباتت البقر تحُكُّ بقرونها بابَ القصر، فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله، قالت: فمن يترك هذه؟ قال: لا أحد، فنزل فأمر بفرسه فأُسرِج له، وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسَّان، فركب وخرجوا معه بمَطارِدهم (٢)، فلما خرجوا تلقَّتْهم خيلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذَتْه وقتلوا أخاه، وقد كان عليه قَباءٌ من ديباجٍ مخوَّص بالذهب فاستلبه خالدٌ فبعث به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ قدومه عليه، ثم إن خالدًا قدم بأكيدرَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحقن له دمَه وصالحه على الجزية، ثم خلَّى سبيله فرجع إلى قريته.

وقال ابن سعد (٣): بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالدا في أربعمائة وعشرين فارسًا، فذكر نحو ما تقدم. قال: وأجار خالدٌ أكيدرَ من القتل حتى يأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يفتح له دومة الجندل ففعل، وصالحه على ألفَي بعيرٍ وثمانمائة رأسٍ وأربعمائة درعٍ وأربعمائة رمحٍ فعزل للنبي - صلى الله عليه وسلم - صَفيَّه خالصًا، ثم قسم الغنيمة فأخرج الخُمس فكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قسم ما بقي في أصحابه،


(١) دومة هي دُومة الجندل، قرية لا تزال معروفة بهذا الاسم في منطقة الجوف في شمال المملكة العربية السعودية.
(٢) المطارد: جمع مِطْرَد، وهو رمح قصير يكون مع الفارس يُطارد به الوحش فيطعنها به.
(٣) في «الطبقات» (٢/ ١٥١)، والنقل من «عيون الأثر» (٢/ ٢٢١).