للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسافر، فأرعبهم الله سبحانه حين أبصروا حذيفةَ وظنُّوا أن مكرهم قد ظهر عليه فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أدركه قال: «اضرب الراحلة يا حذيفة، وامشِ أنت يا عمار»، فأسرعوا حتى استووا بأعلاها، فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحذيفة: «هل عرفت من هؤلاء الرهط ــ أو: الركب ــ أحدًا؟» قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمةُ الليل وغشيتُهم وهم متلثمون، فقال - صلى الله عليه وسلم - (١): «هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟» قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: «فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمْتُ (٢)

في العقبة طرحوني منها»، قالوا: أَوَلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناسُ (٣) فتُضرَب أعناقُهم؟ قال: «أكره أن يتحدث الناس ويقولون (٤): إن محمدًا قد وضع يده في أصحابه»، فسمّاهم لهما وقال: «اكتماهم».

وقال ابن إسحاق (٥) في هذه القصة: «إن الله قد أخبرني بأسمائهم وأسماء آبائهم، وسأخبرك بهم إن شاء الله عند وجه الصبح، فانطلِقْ، إذا أصبحتَ فاجْمعهم»، فلما أصبح قال: «ادعُ عبدَ الله بن أبي، وسعد بن أبي سرح، وأبا


(١) س، ن، المطبوع: «رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
(٢) أي: دخلتُ في الظلام، قال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} أي: داخلون في الظلام .. وفي النسخ المطبوعة: «اطلعت»، تصحيف.
(٣) في الأصول: «إذا قال الناس»، تصحيف، والتصحيح من «الدلائل». أما في النسخ المطبوعة فضربوا عنه الذكر صفحًا فلم يثبتوه، فصار السياق: «أولا تأمر بهم يا رسول الله إذًا فنضرب أعناقهم؟».
(٤) كذا في الأصول، وهو كذلك في مخطوطة «الدلائل».
(٥) كما أسنده عنه البيهقي في «الدلائل» (٥/ ٢٥٧).