للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: ما ذكرناه من قوله: «فيهم عبد الله بن أُبيّ»، وهو وهم ظاهر، وقد ذكر ابن إسحاق نفسه (١) أن عبد الله بن أبي تخلَّف في غزوة تبوك.

الثالث: أن قوله: «وسعد بن أبي سرح» وهمٌ أيضًا وخطأ ظاهر، فإن سعد بن أبي سرح لم يُعرَف له إسلام البتة، وإنما ابنه عبد الله كان قد أسلم وهاجر ثم ارتد ولحق بمكة حتى استأمن له عثمان النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فأمَّنه فأسلم وحَسُن إسلامه، ولم يظهر منه بعد ذلك شرٌّ ينكر عليه ولم يكن مع هؤلاء الاثني عشر البتة، فما أدري ما هذا الخطأ الفاحش!

الرابع: قوله: وكان أبو عامر رأسهم، وهذا وهمٌ ظاهر لا يخفى على من دون ابن إسحاق، بل هو نفسه قد ذكر (٢) قصة أبي عامر هذا في قصة الهجرة عن عاصم بن عمر بن قتادة أن أبا عامر لما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة خرج إلى مكة ببضعة عشر رجلًا، فلما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة خرج إلى الطائف، فلما أسلم أهل الطائف خرج إلى الشام فمات بها طريدًا غريبًا وحيدًا؛ فأين كان الفاسق وغزوة تبوك ذهابًا وإيابًا؟! (٣).


(١) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥١٩) و «الدلائل» (٥/ ٢١٩).
(٢) كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٥٨٥ - ٥٨٦).
(٣) ومن وجوه الوهم فيما ذكره ابن إسحاق: ذِكرُ «مجمع بن جارية» فيهم، فإنه كان أحد قرَّاء الأنصار الذين جمعوا القرآن، ولم يبقَ عليه إلا سورة أو سورتان حين قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -. وإنما كان أبوه جارية ممن اتخذ مسجد الضرار، وغاية ما أُخذ على مجمع أنه كان يؤم المنافقين فيه، وقد اعتَذَر عنه بأنه كان غلامًا حدثًا قارئًا للقرآن فقدّموه ليصلي بهم وهو لا يعلم بشيء من أمرهم. وله رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنن والمسانيد. وعلى كلٍّ فلم يكن من المنافقين الاثني عشر الذين ماتوا على النفاق. انظر: «سيرة ابن هشام» (١/ ٥٢٢) و «طبقات ابن سعد» (٢/ ٣٠٦، ٥/ ٢٩٠) و «معرفة الصحابة» لأبي نُعيم (٥/ ٢٥٤٤) و «الإصابة» (٩/ ٥٢٦). وانظر حديثه في «مسند أحمد» (١٥٤٦٦ - ١٥٤٧٠).