للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به للقوم وقال: «أما إنه ليس بشركم مكانًا» يعني: حِفْظَه ضيعةَ أصحابه، وذلك الذي يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم انصرفوا وجاؤوه بالذي أعطاه.

فلما قدموا اليمامة ارتدَّ عدوُّ الله وتَنَبَّى، وقال: إني أُشركت في الأمر معه، ألم يقل لكم حين ذكرتموني له: «أما إنه ليس بشركم مكانًا»؟ وما ذاك إلا لِما كان يعلم أني قد أُشرِكت في الأمر معه. ثم جعل يسجع السَّجَعات فيقول لهم فيما يقول مضاهاةً للقرآن: «لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمةً تسعى، من بين سِفاقٍ (١) وحشا». ووضع عنهم الصلاة وأحلَّ لهم الخمر والزنا، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نبي، فأصفقت معه حنيفة (٢) على ذلك.

قال ابن إسحاق: وقد كان كتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله. أما بعد، فإني قد أشركت في الأمر معك وإن لنا نصفَ الأمر ولقريش نصفَ الأمر، وليس قريش قوم يعدلون (٣)»، فقدم عليه رسوله بهذا الكتاب، فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد


(١) النسخ المطبوعة: «صِفاق» وكذا في مطبوعة «الدلائل»، والمثبت من الأصول موافق لمخطوطة «الدلائل» (نسخة كوبريلي). والظاهر أنها لغة في الصفاق، فقد ذكروا أن السَّفْقَ لغة في الصَّفْق، فيقال: سَفَق البابَ، وثوب سفيق، وسَفقة رابحة، ونحوها، وإن لم ينصُّوا على السِّفاق بعينه فإنه من الأصل نفسه. والصفاق: جلدة البطن الباطنة ما بين الجلد الظاهر والأمعاء.
(٢) د، ز، ن، والنسخ المطبوعة: «بنو حنيفة»، وكذا كتب «بنو» في س بخط صغير فوق السطر. ولم ترد في سائر الأصول ولا في مصدر المؤلف.
(٣) كذا في جميع الأصول والطبعة الهندية، وحاولوا إصلاح العبارة في بعض الطبعات بنصب «قوم»، فلم يصنعوا شيئًا إذ ليس الخطأ فيه بل فيما قبله وبعده، وصواب العبارة كما في «الدلائل»: «ولكن قريش قوم يعتدون».