للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السورة مكية باتفاق، وكتابه إلى نجران بعد مرجعه من تبوك.

وفيها: جواز إهانة رسل الكفار وترك إكرامهم (١) إذا ظهر منهم التعاظم والتكبر، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكلِّم الرسل ولم يردَّ السلام عليهم حتى لبسوا ثياب سفرهم وألقَوا حُلَلهم وحِلاهم.

ومنها: أن السنة في مجادلة أهل الباطل إذا قامت عليهم حجة الله ولم يرجعوا بل أصرُّوا على العناد أن يُدعَوا إلى المباهلة. وقد أمر الله سبحانه بذلك رسولَه ولم يقل: إن ذلك ليس لأمتك من بعدك، ودعا إليه ابن عمِّه عبد الله بن عباس لمن أنكر عليه بعض مسائل الفروع (٢) ولم يُنكِر عليه الصحابة، ودعا إليه الأوزاعيُّ سفيانَ الثوريَّ في مسألة رفع اليدين (٣) ولم ينكر عليه ذلك؛ وهذا من تمام الحجة.

ومنها: جواز صلح أهل الكتاب على ما يريد الإمام من الأموال مِن الثياب وغيرها، ويجرى ذلك مجرى ضرب الجزية عليهم، فلا يحتاج إلى أن يُفرِد كلَّ واحدٍ منهم بجزية، بل يكون ذلك المال جزيةً عليهم يقتسمونها كما أحبُّوا.

ولما بعث معاذًا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالمٍ دينارًا (٤). والفرق بين الموضعين أن أهل نجران لم يكن فيهم مسلم، وكانوا أهلَ صلحٍ، وأما اليمن فكانت دارَ إسلامٍ وفيهم يهود، فأمره أن يضرب الجزية على كل واحد


(١) ن، والنسخ المطبوعة: «كلامهم».
(٢) انظر: «مصنف عبد الرزاق» (١٩٠٢٤) و «سنن سعيد بن منصور» (٣٧) و «الفقيه والمتفقه» للخطيب (٧٤٩، ٧٥٠).
(٣) أسنده البيهقي في «السنن الكبرى» (٢/ ٨٢).
(٤) حديث صحيح، سبق تخريجه (ص ١٨٢).