للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طِمْرَين (١) له فسلم وقال: «من أين أقبل القوم؟» قلنا: من الربذة، قال: «وأين تريدون؟» قلنا: نريد هذه المدينة، قال: «ما حاجتكم فيها؟» قالوا (٢): نمتار من تمرها.

قال: ومعنا ظعينة لنا ومعنا جمل أحمر مخطوم، فقال: «أتبيعون جملكم هذا؟» قالوا: نعم بكذا وكذا صاعًا من تمر، قال: فما استوضعَنا مما قلنا شيئًا، فأخذ بخطام الجمل فانطلق، فلمَّا توارى عنا بحيطان المدينة ونخلها قلنا: ما صنعنا؟! واللهِ ما بِعْنا جملنا ممن نعرف ولا أخذنا له ثمنًا، قال: تقول المرأة التي معنا: والله لقد رأيت رجلًا كأن وجهه شقَّة القمر ليلةَ البدر أنا ضامنة لثمن جملكم ــ وفي رواية ابن إسحاق (٣): قالت الظعينة: فلا تَلاوموا فلقد رأيت وجهَ رجلٍ لا يَغدِر بكم، ما رأيتُ شيئًا أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه ــ إذ أقبل رجل فقال: أنا رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم، هذا تمركم فكلوا واشبعوا واكتالوا واستوفوا، فأكلنا حتى شبعنا واكتلنا واستوفينا، ثم دخلنا المدينة فدخلنا المسجد فإذا هو قائم على المنبر يخطب الناس، فأدركنا من خطبته وهو يقول: «تصدَّقوا، فإن الصدقة خير لكم، اليد


(١) أي في ثوبين خَلَقَين، والرجل هو النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيتبيَّن لهم لاحقًا.
(٢) س، ث، والنسخ المطبوعة: «قلنا». والمثبت من سائر الأصول موافق لمخطوطة «الدلائل».
(٣) كذا قال المؤلف، وهو وهمٌ، وإنما هذا لفظ رواية البيهقي في «الدلائل» (٥/ ٣٨١) من طريق الحاكم ــ وهو في «المستدرك» (٢/ ٦١٢) ــ عن أبي العبّاس الأصم عن أحمد بن عبد الحبّار عن يونس بن بكير عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن جامعٍ به. وبنحوه لفظ ابن حبان والدارقطني من طريق آخر عن يزيد بن أبي الجعد به. ومنشأ الوهم ــ والله أعلم ــ أن يونس بن بكير من رواة «مغازي ابن إسحاق»، والبيهقي كثيرًا ما يسند بهذا الإسناد عينه عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق مغازيه.